Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عبدالرحمن العرفج

إلقاء اللائمة على شماعات عائمة!!

الحبر الأصفر

A A
الفرَار مِن مُحَاسبةِ النَّفس، يَجعل الإنسَان يُراوح فِي مَكانه، لأنَّه فِي هَذه الحَالَة لَن يَتغيَّر، طَالما أَنَّه بَعيد عَن مُحَاسبة نَفسه؛ عَلى الأخطَاء التي يَقترفهَا..!

وفِي العَالَم العَربي، تَبدو مُحَاسبة النَّفس قَضيَّة هَزيلَة، وشِبه غَائِبَة، لأنَّ الإنسَان فِي هَذه البُقعَة الجُغرَافيَّة مِن الكُرَة الأَرضيَّة، يَجد عَشرَات الشَّمَّاعات التي يُعلِّق عَليهَا فَشله، فهو يُمكن أَنْ يُعلِّق الفَشَل عَلَى «التَّربية السّيئة»، التي لَا ذَنب لَه فِيهَا، ويُمكن أَنْ يُعلِّقه عَلَى «المُجتَمع السَّلبي»، الذي لَا يُشجِّع المُبدعين، أَيضًا لَديه شَمَّاعة ثَالِثَة يُعلِّق عَليهَا فَشله، وهي «التَّعليم السَّيئ»، الذي يَقتل الإبدَاع، كَذَلك يَجد شَمَّاعَة رَابِعَة، وهي «الظّرُوف الصَّعبَة» التي يَمرُّ بِهَا، وإذَا لَم يعجبه هَذا العُذر، سيَجد شَمَّاعَة خَامِسَة، وهي «تَفشِّي الفَسَاد فِي مُجتمعه».. وإذَا لَم تَقتنع بكُلِّ هَذا الشَّمَّاعَات، فلَديكَ خيَارَات أُخرَى عَليهَا تَخفيضَات، مِثل شَمَّاعة الحَسَد والعين، وأَصدقَاء السّوء..!

يَا قَوم، تَأكَّدوا أَنَّ تَعليق الفَشَل عَلَى الآخرين أَمرٌ بَسيط، يَستَطيع أَنْ يَنجَح فِيهِ كُلّ طَالب بَليد، وهَذا مَا يُؤكِّده الأُستَاذ «كَريم الشَّاذلي» فِي كِتَابه، «مَا لَم يُخبرني بِهِ أَبِي عَن الحيَاة»، حَيثُ يَقول: (لَيس هُنَاك أَيسَر مِن الشَّكوَى، ولَيس هُنَاك أَبسَط مِن أَنْ نُسلِّط شُعَاع النَّقد عَلَى الخَارج، ونَدَّعي أَنَّ الدَّاخِل كُلّه خَير، ومَشَاكِلنَا فَقط تَأتينَا مِن الآخَرين، السَّيئين القَاسين، وللأَسف، فإنَّ مُعظم البَشَر مُبدعون فِي اخترَاع المُبرِّرَات، التي تُبرّئ سَاحتهم مِن التَّقصير، أَو الفَشَل.. يَزدَاد جنُوح مُعظمنا إلَى التَّبرير فِي وَطننَا العَربي؛ بشَكلٍ أَكبَر مِن سِوَاه، نَظرًا لكَثرة الظّرُوف المُحبِطَة، مَمَّا أَدَّى إلَى نشُوء مَا أَسمَاه المُفكِّر الدّكتور، «عبدالكريم بكّار» بـ»أَدبيَّات الطَّريق المَسدود»، والتي تَتمثَّل فِي الشَّكوَى الدَّائِبَة مِن كُلِّ شَيء. مِن خُذلَان الأَصدقَاء، ومِن تَآمر الأعدَاء، ومِن مِيرَاث الآبَاء والأجدَاد، ومِن تَصرُّفات الأبنَاء والأحفَاد)..!

حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!

بَقي القَول: يَا قَوم، تَدبَّروا مَا كُتِبَ أَعلَاه، وأَنتُم الحَكَم..!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store