Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
سعيد محمد بن زقر

بين الرأي والخبر

A A
الرأي يعكس وجهة النظر والتقديرات الذاتية وهو سيف بحدين. لأنه إما على صواب أو خطأ. ومع ذلك يجد الحماية ضمن حرية التعبير. لكن المجتمعات الغربية شرعت تجادل حول حرية الرأي -التي تعتبرها حقاً- وذلك لارتفاع وتيرة الأخبار المزيفة، وتأثيرها على الحياة والأسواق ولاختلاط الرأي بالخبر وذوبان الفروق بينهما

.

رغم أن التاريخ السياسي الغربي به أمثلة للأخبار الزائفة التي غيرت وجه الدنيا وضللت الرأي العام وغيرت مسارات انتخابية وقيادة دول،، من أشهرها ما وثقه البروفسور روبرت سكدلسكي في مقال بعنوان›The Protocols of Donald J. Trump› ونشر في Project Syndicate بتاريخ 18/7/2017. وخطابات ‹Zinoviev› كرسائل مزيفة ورط فيها حزب العمال البريطاني شر ورطة وقادها ‹الكرملين› الشيوعي ونشرتها ‹Daily Mail› اليومية عام 1924قبل أربعة أيّام من الانتخابات، فقضت على فرص حزب العمال بالفوز

.

أما دول العالم العربي فيوجد حذر شديد من صحافة تخلط الخبر بالرأي ولأسباب مختلفة تماماً،، منها أن الثقافة الموروثة لم تتعود النقد ولا تحب من ينتقد ، بينما النقد في الغرب في أهمية المساءلة كأثر «ديمقراطي» ،لتراكم ثقافة قبول النقد التي أضحت قيمة ديمقراطية -لأهل الغرب- أو ضمن منظومة أخلاقية ترتبط بالعدالة وحقوق الفرد ،، فقد أدركوا بأن ميزان العدالة لا يتوازن بدون القطاع الرابع غير الرسمي (بعد التشريعي والتنفيذي والقضائي) ولهذا سمي دور الصحافة بالسلطة الرابعة التي تمارس رقابة ذاتية في النقد والنشر، ومن يشهِّر بالآخر أو يتهمه سيجد نفسه أمام قاضٍ لا يخشى في الحق لومة لائم. وحينئذ على الصحافه تقديم البينة أو دفع الثمن غالياً. ضمن هذه المعادلة تدير المجتمعات الغربية أمورها في ضبط الرأي وإبدائه، «بحرف» القانون. ومع أننا سباقون في غرس هذه القيم وفق التوجيه (لا فرق بين «عربي واعجمي» ) ، الا أنهم راكموا خبرات صارت « أن لا فرق بين ‹الناس»، وهو تأكيد بأن الدنيا تصلح بالعدل. ومن ذلك تعاملهم مع مواقع التواصل الاجتماعي التي ضاقوا بها ذرعاً ولكن في إطار النظام ونرى أمثال «جيريمي كوربن» و»بيرني ساندرز» و «جون كلود-ميلينشو» من التيار اليساري الديمقراطي ينهضون من تحت رماد الحملات الاعلامية ويكسبون شعبية متجاهلين التيار الإعلامي السائد، في المقابل تدعم الأحزاب «اليمينية» أمثال الرئيس «ترامب» و»مارين لو-بان» من فرنسا و»قيرت وايلديرز» الهولندي، وللمفارقة كلا الطرفين -كما يقول البروفسور سكديلسكي- يتهم الصحافة بأنها مزيفة! وما أدل على ذلك سوى سجال الرئيس ترامب والسي إن إن. فالصحافة التقليدية تواجه تحدياً غير مسبوق وتحل عليها سحابة التشكيك في مصداقيتها كما أن أجيال اليوم تبتعد عنها لمواقع التواصل ومتابعة كتَّاب تثق بهم ،، ولمواقع التواصل تحديات منها اختلاط الحابل بالنابل ونقص جودة ومستوى التناول والصدقية والأخطر تماهي فروق «الخبر» و «المعلومة» كما يعرفها البروفسور في مقالته، فالمعلومة عبارة عن سلسلة من الأخبار المركبة بطريقة تنتج معلومة قيمة. وينجح كتَّاب مواقع التواصل في التركيز على توصيل النقاط وربط «الاخبار» (كما تربط الحروف) ولكن ما يخرج به القارئ ليس زيادة المعلومات وإنما جرعة التأثير على رأيه الشخصي. وهو ما يعني وجود متغيرات تستلزم الوعي وتوفير مصادر أخبار ومعلومات بديلة يزورها المواطن ويثق بها ..فإن لم يواكب إعلامنا المتغيرات فإن المواطن سيُصبِح فريسة سهلة لمواقع تواصل منفلتة من أي عقال وهي منافسة للصحافة التقليدية.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store