Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عدنان كامل صلاح

وتوقفت لغة الحوار .. وخاطبت لعناتي شتائمه !!

A A
نعم ، توقفت لغة الحوار ، وتدنت اللغة المتبادلة بين الخصوم الى شتائم واتهامات متبادلة بالخيانة والعمالة والفساد .. الحوار السياسي تحوَّل إلى نقد شخصي لاذع لبعضنا البعض ..الاختلافات أصبحت أكثر حدة ، وتحولت إلى تجريح ستكون له آثاره مستقبلاً حتى بعد أن تهدأ الجموع الهادرة في وسائل التواصل الاجتماعي .. ووسط هذا الهدير تتحول الحقيقة الى ضحية حتى بين يدي أصحابها .

القضايا المثارة هي في واقعها سياسية ، ولكنها تفقد قيمتها وتنحرف عن مسارها عندما يتولاها مغرضون أو جهلة عبر وسائل التواصل الإجتماعي .وأصبحت الاختلافات أكثر حدة مما سيجعل الوصول الى حلول وسط للأمور المختلف عليها صعباً . وفي مناخ مثل هذا يكثر المُنظِّرون الذين يروِّجون نظريات المؤامرة ويطلقون التهم بالخيانة والعمالة بدون تقديم دليل حقيقي وإنما أحكام مسبقة جعل الفضاء الافتراضي إطلاقها سهلاً وأتاح لمطلقها الإسفاف بدون خشية عقاب أو رادع .

هل تدنت لغة الحوار الى هذا المستوى بسبب وسائل التواصل الاجتماعي ؟ هل النخبة الصامتة أو الكسولة النائية بنفسها عن الخوض في هذه الأمور هي المذنبة ؟ أم أنها المؤسسات الرسمية التي تتيح لكل هذه الفوضى أن تنطلق بدون أي ضوابط ؟ .. وتساءل الدكتور محمد الرميحي في مقال له بصحيفة ( الشرق الأوسط ) يوم السبت الماضي : كيف ننزع الكراهية من أزمة الخليج ؟ .. وقال إن العالم يمر بمرحلة غير مستقرة .

فقضية ( الردح ) المتبادل ليست حكراً على الخليجيين أو العرب أو دول العالم الثالث ، بل إنها وباء أصاب أميركا وأوربا أيضاً .. فأميركا تدنت لغة حوارها منذ عدة سنوات فيما بين اليمين واليسار وتحوَّل الخلاف إلى معارك في شوارع المدن الرئيسية فيها .. وليس صحيحاً أن وصول دونالد ترمب لسدة الرئاسة الأميركية كان بداية تدني مستوى الحوار عندهم ، بل سبقه لذلك عهدان متتاليان لحكم باراك أوباما الذي أطلق العنان للشاذين جنسياً والحركات اليسارية المتطرفة لتصل الى مختلف المواقع والقيام بالمظاهرات الصاخبة وتحدي الآخرين واستفزازهم ، وجاء عهد دونالد ترمب ليزيد التطرف والحوار المتدني انهياراً ومن أبرز علاماته أن وسائل الإعلام الأميركية أصبحت أكثر حدة في حواراتها وتعليقاتها وأقل دقة في تحليلاتها .. وأدى خروج المتطرفين البيض في مظاهرات مؤخراً في ( فرجينيا ) لسقوط قتلى .

وفي أوربا اشتدت الخلافات حدة ، ومن أبرز المؤشرات البغيضة لتدني مستوى الحوار وتحوُّله الى شتائم وتخوين ما ظهـر في بريطانيا خـلال حملة استفتاء الخروج مـن الإتحاد الأوربي . إذ أطلقت الأوصاف القذرة على أولئك المطالبين بالبقاء في الاتحاد مما أدى الى خلق روح كراهية دفعت بأحد المطالبين للخروج الى قتل النائب البريطاني جوكوكس ، وسـط الشارع وهو يشتمها لتأييدها البقاء .

ولم تؤثر عملية القتل في مواقـف ودعـوات الرافضين للبقاء في أوربا .

العالم يمر فعلاً بمرحلة عدم استقرار ، إلا أنه من الضروري عدم وقوف الفاعلين موقف المتفرجين ، بل المسارعة الى خفض درجة حــدة الخصام حتى يمكن الإبقاء على درجــة ما ، وإن كان سيكون متدنياً ، من الثقة والاحترام بين المتخاصمين عندما تنتهي خصومتهـم ، ولا بد للسياسيين أكان في عالمنا أوعوالمهم الأوربـيـة والأميركية أن يتولوا مقاليد الحـــــــوار ولا يتركوه ضحية للمغرضين المحرضين والجهلة .

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store