Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أويس عبدالرحيم كنسارة

التفسير.. لتعدد آباء شكسبير!

A A
* يقول المثل: للنجاح ألف أب، والفشل طفل يتيم!

هذا الطفل لا يجد من يتبنّاه أو من يدّعيه.. ويحاول الجميع التبرؤ منه، وينسبونه إلى غيرهم..

أما النجاح فله آباء متعددون، ومنتسبون أكثر، يزعمون أنهم شركاء في الفوز بحق أو بغير حق. ولعل في ذلك أمثلة كثيرة، تجدونها خلال عملكم وحياتكم اليومية، وربما تستحضرونها الآن.

* فعندما تحدث أخطاءٌ جسيمة لدى أي وزارة خدمية، وتؤثر في الرأي العام ويتضرر المواطنون، حينها يخرج الوزير من صمته مصرّحاً بكل نبرات الحزم أنه سيقوم بمعاقبة (الموظف) المسؤول عن هذا الخطأ، متبرئا من هذا الفشل.

لم أسمع قطُّ عن وزيرٍ عربيّ يصرّح أن ذات معاليه «يتحمل» مسؤولية خطأ أو فشل وزارته في أي ملف.

ولم أسمع - ولا اعتقد أنكم ستسمعون- عن وزيرٍ عربيّ يستقيل من تلقاء نفسه بسبب حدوث خلل كبير في الوزارة التي يترأّس هرمها، اعتذاراً وإقراراً بالفشل.

أرجو كل الرجاء أن يكون الخلل لديّ أنا، وفي ذاكرتي، أو قلة اطلاعي، وليس في شخوص المسؤولين الموقرة.

* ومن الأمثلة الأخرى التي تذكرني بتعدد آباء النجاح، الأديب الانجليزي الشهير ويليام شكسبير. الذي شكّك العشرات بحقيقة كونه انجليزياً، وكلٌّ ينسبه إلى جنسيته، باهتمامٍ كبير. فمنهم من جعله عربياًّ! أحد هؤلاء القائد الليبي السابق معمر القذافي حينما كان يشرح نظريته موجزاً: «شيك يعني شيخ وسبـيـر يعني زبير، يعني الشيخ زبير، الشيخ زبير بن وليم، أو وليم بن الشيخ زبير، القضية محسومة!!»

وقبله قال من يصفونه بأمير الأدب العراقي الراحل الدكتور صفاء خلوصي، إن «شكسبير» لا معنى لها بالإنكليزية ومعجماتها «لذلك فهو ليس إنجليزيًا، بل شرقي الجذور، والده أو جده من أهالي البصرة واسمه الشيخ زبير» على حدّ ما كتب ووصل صداه إلى «واشنطن بوست» الأمريكية، فأتت على ذكره تهكّماً، ونقلت ما قال.

* ثم ظهر الإدعاء الجديد الذي جعل شكسبير ايطالياً، وكثيرون من زعم ذلك ومنهم الباحث الإيطالي مارتينيو ايفار، أستاذ الأدب في جامعة صقلية، الذي أكّد أن شكسبير من عائلة صقلية هاجرت إلى إنكلترا بسبب الاضطهاد الديني، وبأن اسمه الحقيقي هو كرولانزا. دليله إلى ذلك أن كلمة شكسبير هي المقابل لاسم عائلة كرولانزا في الإيطالية! وأحدث هذا الزعم دوياً هائلاً في الصحافة الانجليزية والأوساط المهتمة.

* والمفارقة التي أودّ أن ألفت انتباهكم لها: ماذا لو كان شكسبير فرداً مضرّاً، فاشلاً أو متطرفاً؟ النتيجة البديهية أن الجميع سيتسابق للتبرؤ منه ونفي كل أواصر الصِّلة به، وحتى أقرب أقربائه ربما سيقول: يقربلي من بعييد!

* ختاماً، اللهم اجعلنا من أصحاب فضيلة الاعتراف بالخطأ، ولا تجعلنا من الذين يزعمون ما لا يملكون ويدَّعون مالا يستحقون.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store