Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد أحمد مشاط

جدة التاريخية تحترق

الكلمات فواصل

A A
في وطننا الحبيب كنوز تراثية في وسطها وشرقها وغربِها وشمالها وجنوبِها، كلها عانت كثيراً من الإهمال والهجران، فشُوِّه بعضها، وحُطِّم بعضُها ودُرِس؛ على مدى سنوات طويلة. لم يعرف الأميون والجاهلون في عهود سابقة أهميتها وثمنها الذي لا يقدر بمال. ثم بعد انتظار طويل، بدأت الدولة في إنقاذ ما أمكن إنقاذه، من ذلك التراث العظيم الضارب عميقاً في التاريخ الإنساني.

لقد بدأت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني برنامجها الطموح لإعادة التقدير لذلك التراث الذي ظل مهملاً، فقامت بحمايته من أيدي العابثين، وأعادت تأهيل ما عتا عليه الزمن، ثم فاخرت به بين الأمم حتى استطاعت أن تكلل طموحها وجهدها باعتراف العالم به، فضمَّته اليونيسكو إلى قائمة التراث الإنساني العالمي الواجب حمايته، والمحافظة عليه، والاستمتاع بزيارته من كافة شعوب العالم.

ومن مواقعنا الهامة التي ضمتها اليونيسكو إلى قائمة التراث العالمي: الدرعية، ومدائن صالح، وجدة التاريخية. وبرغم الجهود المبذولة إلا أنه في اعتقادي وأسفي، أن بعض المختصين بصيانتها، والمحافظة عليها، لم تصل كفاءتهم إلى المستوى الذي يحقق ذلك الهدف. فكم من مبنى لم يتم تأهيله في منطقة جدة التاريخية، وكم من صيانة تأخرت، وكم احتياطات ومواصفات عالمية لم تُنفذ.

كل ذلك أدى إلى حرائق متكررة للمباني وانْهيارات متتابعة حتى بلغت عشرة حرائق منذ انضمام جدة التاريخية إلى قائمة التراث العالمي منذ سنتين فقط؛ وكأن تلك المباني قد تُركت لتنال حتفها المحتوم مع أن من أولوياتنا حمايتها، والمحافظة عليها، وإبقاءها حية في شموخ، كما أن ذلك من واجباتنا، ومن شروط اليونيسكو الواجب اتباعها حتى لا تُحذف من قائمة التراث العالمي. ولعل الحريق الذي حدث في الأسبوع الماضي، فالتهم ستة مبانٍ وانْهارت فيه أربعة منها كلياً - كما ورد في الصحف - لخير دليل على مستوى كفاءة، وحرص، وطموح بعض أولئك الذين هم في الأصل حماتها من الفقد والضياع.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store