Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عبدالرحمن العرفج

آفات تفرمل التفاؤل بمواقع التواصل!

الحبر الأصفر

A A
تَطرَّقتُ فِي مَقالٍ سَابق إلَى مَزَايَا وسَائِل التَّواصُل الاجتمَاعي، ومِن بَاب الإنصَاف لَابدَّ أَنْ نَتعرَّض للانتقَادَات المُوجَّهة إلَى هَذه الوسَائِل الحَديثَة، ونَستَعرض السَّلبيَّات، التي حَصَرَهَا البَاحِثُون..!

لَعلَّ أَبرَز المَآخِذ عَلى مَواقِع التَّواصُل، انتِهَاك الخصُوصيَّة، حَتَّى لَو زَعمُوا عَكس ذَلك بعِبَارة «private»، كَمَا أَنَّ الصُّورَة النَّمطيَّة لوسَائِل التَّواصُل الاجتمَاعي؛ هي أَنَّها للمُراهِقين، ولَيسَت للجَادين، وهَذه الفِكْرَة تَضرُّ بصُورة وسَائِل التَّواصُل، ومِن ذَلك مَا يُسمَّى بـ»الانطبَاعَات السَّلبيَّة المُسبَقَة»..!

وإذَا نَسيتُ فلَن أَنسَى ضَعف الأمَان والحِمَايَة، ومَا يَقوم بِهِ الهَكَرز واللّصُوص مِن قَرصنَة الحِسَابَات، أَو التَّجسُّس عَلى مُستَخدمي وَسَائِل التَّواصُل الاجتمَاعي..!

ومِن سَلبيَّات مَواقِع التَّواصُل، أَنَّها زَادت أَوجَاعنَا وأَزمَاتنَا النَّفسيَّة، حَيثُ جَاءَت وجَاء مَعهَا مُصطلح «الإدمَان الإلكترونِي»، وهَذا بدَوره يُؤدِّي إلَى ضَعف الإنتَاجيَّة، لدَرجة أَنَّ بَعض الشَّركَات تَمنع مُوظَّفيهَا؛ مِن استخدَام مَواقِع التَّواصُل أَثنَاء العَمَل..!

كَمَا أَنَّ مِن سَلبيَّات تِلكَ الوَسَائِل، صعُوبة المُغَادرَة وإلغَاء العُضويَّة، فأنتَ تَستَيقظ فِي الصَّبَاح لتَكتَشف أَنَّ أَحدهم أَضَافَك، رَغمًَا عَن أَنفك، إلَى قرُوب «وَاتسَابي»، لتَشعر بأنَّ تَحرير نَفسك مِن هَذه القروبَات، أَصعَب مِن تَحرير فَلسطين..!

وهُنَاك سَلبيَّات عَامَّة لوَسَائِل التَّواصُل الاجتمَاعي، مِثل انتهَاك حقُوق المِلكيَّة الفِكريَّة، وانعدَام الهويَّة الحَقيقيَّة، مِن خِلال الكِتَابة بأَسمَاء مُستعَارَة، وغِيَاب لُغة الجَسَد، إضَافةً إلَى تَعرُّض بَعض المُستَخدِمين إلَى النَّصب والاحتيَال، وخدَاعهم بتَزييف المُحتوَى..!

ومِن السَّلبيَّات العَامَّة -أَيضًا- لوسَائِل التَّواصُل، سهُولة مُرَاقبتهَا وحَجبهَا، كَمَا أَنَّها بِيئَة خَصِبَة لمُروِّجي ثَقَافة السُّوء، إضَافَةً إلَى أَنَّ الإنسَان يَعيش فِيهَا وَاقِعًا افتَراضيًّا؛ لَا صِلَة لَه بالوَاقِع الحَقيقي، حَيثُ يَتوهَّم النَّاس أَنَّها هي الوَاقِع، وهي لَيست كَذَلك، بَل هي مُجرَّد سَاحَة افترَاضيَّة بَديلَة للوَاقِع الحَقيقي..!

حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!

بَقي أَنْ نُشير إلَى سَلبيَّة خَطيرَة، تَركتُها لتُكتَب فِي الخَاتِمَة لأَهميَّتهَا، وهي أَنَّ وسَائِل التَّواصُل؛ سَاهَمَت فِي فَسَاد العَلَاقَات الاجتمَاعيَّة الطَّبيعيَّة، حَيثُ قَال البَاحِث «خالد وليد محمود» (تُؤكِّد الدِّرَاسَات أَنَّ مَواقِع مِثل: «الفِيسبوك ومَاي سبيس»، تَتَسَبَّب فِي حَالَات الطَّلَاق بنِسَب تَفوق الـ20%، نَتيجة لرُؤية الشَّريك لشَريكتهِ، أَو العَكس، مُهتمًّا بأفرَاد مُعيّنين دَاخِل الشَّبكَة، أَو نَتيجة لإهمَال الشَّريك لشَريكته، أَو العَكس أيضًا- مُفضِّلًا التَّواصُل فِي الشَّبَكَة أَو غَير ذَلك، كَمَا أَنَّ عَامِل الغمُوض والخَيَال فِي هَذه المَواقِع، يُشكِّل نَوعًا مِن المُغَامَرَة، وسِحرًا لَدَى البَعض، يَجذبهم لبنَاء عَلَاقَات وَهميَّة عَبر هَذه الشَّبكَات).

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store