Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عبدالرحمن العرفج

عجبي.. من آفة التعميم العربي!

الحبر الأصفر

A A
أَحيَانا تَسمَع بَعض الجُمل والتَّعميمَات، فتَغضُّ الطَّرْف عَنهَا، ظَنًّا مِنكَ بأنَّها ستَموت مَع الأيَّام، ولَكنَّك تُفَاجَأ بأَنَّها مِثل المَولُود، الذي كُلَّمَا مَضَى عَليهِ الوَقت، زَاد عُمره وكَبُر بَدنه.. وحَتَّى لَا نُطيل، دَعونا نَدخُل فِي المُفيد، ونُؤكِّد الطَّرح الجَديد وفق مَا نُريد:

عِندَما يُطرَح الحِوَار عَن الدِّيمقرَاطيَّة، يَأتي أَحدُهم ويَقول –بكُلِّ صَفَاقَةٍ-: «العَالَم العَربي لَا دِيمُقرَاطيَّة فِيهِ».. هَكَذَا -وبكُلِّ جَسَارة الجُهَّال- يَضع كُلّ بيض العَالَم العَربي فِي سَلَّة وَاحِدَة..!

وعِندَما يَأتي الحَديث عَن الأُميَّة، وهَجْر الكِتَاب والقِرَاءَة، يَأتي صَفيقٌ آخَر –وبكُلِّ رعُونَة الجُهَّال- ويَقول: «العَالَم العَربي يَعيش أُميَّة كَبيرة»..!

وعِندَما يَدور الجَدَل حَول التَّنمية، يَقفز مَلقُوف ثَالِث فَوق الوَاقِع والوَقَائِع –وبكُلِّ غَطرَسَة الجُهَّال- ويَقول: «العَالَم العَربي كُلَّه؛ يُعَاني مِن نَقص التَّنميَة»..!

وأَخيرا ولَيس آخرا، لَو جَاءَت سِيرة الدِّيكتَاتوريات، لأَرْعَد وأَزْبَد جَاهِل رَابِع -بكُلِّ حَمَاقَة- قَائِلا: «العَالَم العَربي كُلّه استبدَاد؛ وقَمع للحُريَّات»..!

بَعد هَذا أَقول: إنَّ مَن جَعَلَ العَالَم العَربي سَوَاء، لَيس لحُمقهِ دَوَاء، والتَّعميم لُغَة الجُهَّال، والأَصوَب والأَعدَل والأصحّ، أَنْ نُفصفص ونُفكفِك حِزمة الدّول العَربيَّة؛ عِندَما نَصل إلَى الحَديث عَن أَي قَضيَّة، فمِن حَقِّنَا أَنْ نَتسَاءَل: هَل التَّنمية فِي الإمَارَات؛ هِي نَفس التَّنمية فِي الصُّومَال؟، وهَل الدِّيمقرَاطيَّة فِي الكويت؛ هِي نَفس الدِّيمقراطيَّة فِي مَدغشقر؟، وهَل التَّعليم والمُستوَى الثَّقَافِي فِي تُونس؛ هو نَفس التَّعليم والمُستوَى الثَّقَافِي فِي جِيبُوتي؟، وهَل الأَمن فِي سلطنة عُمَان؛ هو نَفس الأَمن في ليبيا؟، وهَل نِسبة الأُميَّة فِي الأُردن؛ هي نَفس نِسبة الأُميَّة فِي اليَمن..؟!

حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!

بَقي القَول: أَيُّها النَّاس، يَا مَن تَجمعون البيض العَربي فِي سَلَّةٍ وَاحِدَة، تَوقَّفوا، فالخَلْط والاختِلَاط هُنَا لَا يَجوز، وإذَا أَردتُم أَنْ تَدرسوا العَالَم العَربي، فخُذوه دَولة دَولة، حَتَّى تَكون النَّتَائِج مُثمِرَة ومُقنِعَة، لأنَّ كُلّ دَولة لَديهَا امتيَازَاتهَا، ولَديها أَوجَاعهَا..!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store