Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريـف قـنديـل

حماس وفتح.. إنجاز مصري فريد

A A
دعك من الطفح الإعلامي المنهمر، والإسفاف غير المسبوق في وصف، بل سب، قامات وقيادات سياسية هي الآن تحظى بتكريم وتقدير الدولة في مصر. ودعك كذلك من مظاهر ومساوئ الاستقطاب السياسي بل الاجتماعي الذي تحول بدوره إلى مرحلة خطيرة قد يصعب علاجها.

دعك الآن من ذلك كله، وقِف معي تحية لجهاز المخابرات المصرية الذي نجح في رأب الصدع بين حركتي «حماس» و»فتح» عملًا وفعلًا، لا قولًا وتنظيرًا!

صحيح أن الخطوة سبقتها خطوات معتبرة خاصة من جهة حماس التي أعلنت على الملأ تغيير ميثاقها، فضلًا عن التقارب الذي لا تُنكره عين بين الحركة وبين القيادي الفلسطيني محمد دحلان، ناهيك عن إعلان الإدارة الأمريكية منذ أيام أن البعثة الجديدة للسلام ستباشر مهامها في الشرق الأوسط وستضم جاريد كوشنر، مستشار الرئيس دونالد ترامب وصهره، إلى جانب المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط جيسون غرينبلات، ونائبة مساعد ترامب للأمن القومي دينا باول.

كل ذلك صحيح، لكن أحدًا لا يمكن أن يُنكر الدور المصري في تهيئة الأمر بين حماس وفتح إلى حد إعلان الأولى فك اللجنة الإدارية بل ودعوة حكومة الوفاق لممارسة مهامها في غزة، والاستعداد لانتخابات جديدة.

سريعًا، وبعيدًا، وقريبًا من هذا الحدث السياسي الكبير، ثمة ملاحظات ينبغي مراعاتها على الصعيدين المصري والفلسطيني معًا.. الأولى إعادة النظر في الطرح بل الطفح الإعلامي، خاصة إذا تعلق الأمر بقضايا قومية كبرى تمس الأمن القومي المصري!

من حسن الحظ في حالة حماس وفتح، أن القيادات الفلسطينية اعتبرت نفسها مصرية، فابتلعت أو بلعت كم السباب الضخم بالأم وبالأب، مقدرة الحالة التي باتت عليها معظم وسائل الإعلام المصري، والتي وصلت إلى حد أن أي مذيع صغير يستطيع أن يُعلن على الهواء أنه سيضرب فلانًا بالحذاء، دون أن يستوقفه أحد -إلا نادرًا-!

فاذا عممت الحالة الفلسطينية أو أسقطتها على الأشقاء في السودان، فلن يصبح من حق مصر الوساطة بأية أطراف مختلفة هناك، ناهيك عن العلاقات المصرية السودانية نفسها، وقل مثل ذلك في الحالة الليبية، وحالات عربية أخرى أكثر من أن تُعَد!

وعلى الجانب الفلسطيني، سيسمع الطرفان من الآن، بل لعلهما سمعا من الأمس سيولًا من عبارات التوبيخ والتخويف من أي تقارب، فإذا أضفت إلى ذلك ما ستسعى إسرائيل إليه في المرحلة المقبلة، ستكون أو سيكون الفلسطينيون أمام حرب إعلامية شرسة!

من ذلك أن يقول الكاتب الإسرائيلي إيال زيسر، وهو مدير سابق لمركز «موشيه ديان لدراسات الشرق الأوسط»: «حماس في الفخ».. «حماس مستعدة الآن لرفع الراية البيضاء».. «حماس تُسلّم المفاتيح لمحمد دحلان»!

كل المفاتيح تهون باستثناء مفتاح واحد يعرفه الفلسطينيون جميعًا اسمه مفتاح القدس.. وفي ضوء ذلك لا يهم من يتسلَّمه.. فإن كان دحلان جاهزًا للمهمة فأهلًا به وسهلاً، وإن كان يتم تجهيزه لأمرٍ آخر، فالتاريخ لن يرحم!

دحلان، عباس، هنية، سيان.. المهم في كل الأحوال ألا تضيع القضية التي تتوهج كل يوم رغم الانكسارات العربية في كل النفوس الأبية.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store