Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سعود كاتب

لا تجعل شمعة أحلامك تخفت وتنطفئ

A A
هل حقًا كلما تقدم المرء في العمر تقل أحلامه حتى تتلاشى ويصبح بدون حلم أو هدف يسعى إلى تحقيقه؟

هذا السؤال تبادر إلى ذهني مؤخرًا أثناء ممارستي لرياضة الجري والتي تمثل بالنسبة لي أكثر بكثير من مجرد نشاط بدني، فهي وسيلة للتأمل وتحقيق الصفاء الذهني، وقد كتبت قبل أكثر من خمس سنوات مقالا بعنوان «الجري، الرياضة التي غيرت حياتي»، ذكرت فيه ذلك وأشرت إلى أن كثيرًا من أفكاري وقراراتي الرئيسة تولدت لدي وأنا أجري، وغالبًا ما كانت تلك الأفكار تبدأ كمجرد حلم يقظة لا يلبث أن يتحول -أثناء الجري أيضًا- إلى قرار وخطة عمل لكيفية تحقيقه.

ما لاحظته مؤخرًا هو أني بدأت أفتقد تدريجيًا لهذه المتعة، أعني متعة وجود حلم أو أحلام كبيرة لي تصاحبني أثناء الجري وتحفزني للعمل والتخطيط والإبداع دون انقطاع، حيث مر علي يومها شريط من ذكريات مختلفة باختلاف المراحل العمرية التي عشتها، فخلال دراستي الجامعية مثلًا كان الحلم الذي لا يفارقني هو أن أصبح معيدًا ثم أسافر لإكمال دراستي العليا وأعود للعمل أستاذًا جامعيًا، وهو حلم فشلت حينها في تحقيقه رغم أحقيتي للوظيفة بكل المعايير المطلوبة.. ورغم قسوة ذلك الفشل وألمه إلا أنه لم يقتل الحلم الذي كان بداخلي ورافقني في كل رحلة جري تالية، كنت أتأمل خلالها كل البدائل والطرق الممكنة للوصول إليه.. وفعلًا كانت البدائل حاضرة إلى أن تحقق الحلم ولله الحمد بأفضل حتى مما كنت أطمح إليه.

استمرت بعدها سلسلة الأحلام التي كان بعضها واقعيًا قابلًا للتحقيق وبعضها الآخر عاليًا علو النجوم، بعضها تحقق وكثيرًا منها لم ير النور بكل ما يحمله ذلك من أفراح وآلام وجراح، والمهم في الأمر أنه كان هناك دومًا حلم وأمل وعدم يأس، فالأحلام الواقعية كانت بمثابة الحافز للرقي والعطاء، بينما الأحلام التخيلية كانت بمثابة البلسم الذي يمنح النفس الراحة والسكينة ويضعها حينًا من الوقت في الجنة، التي تحلم بها وتتمناها.

عندما شعرت بأن شمعة أحلامي بدأت تخفت ولو قليلًا أدركت أن علي إشعالها مجددًا وإعادة التوهج إليها، فبدونها تصبح الحياة مملة ورتيبة ولا طعم لها مهما كانت المنجزات والطموحات المتحققة.

صحيح أننا عندما نكبر تتغير بوصلة أحلامنا وتتجه أكثر نحو تحقيق السعادة والنجاح ليس لأنفسنا ولكن لمن نحب، فيصبح الحلم الأول هو رؤية أبنائنا سعداء وناجحين. هذا مهم بالتأكيد، لكن يجب أن تكون لنا دومًا أحلامنا الخاصة التي لا تخفت ولا تنطفئ أبدًا، وان نسعى دومًا إلى تحقيقها دون تردد، فالتردد يقتل من الأحلام أكثر بكثير مما يقتل الفشل.

وللقصة بقية...

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store