Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
حسن فتيحي

البيت والمدرسة

شمس وظل

A A
يحكى أن:

«الابن الوحيد.. الذي منَّ الله عليه به.. بعد عشرين عامًا من زواجه»..

أخذ الابن من الدلال والحنان والعناية من والديه.. ما يحسده عليه أقرانه.. زملاؤه في المدرسة يعشقون زيارة بيته واللعب أمام هذا البيت.. ترعرع هذا الابن في هذه الأجواء.. متقدمًا في دراسته.. متفوقًا على زملائه..

* * *

اشترى له أبوه دراجة بثلاث عجلات (بُسْكليته).. ولم يتجاوز العاشرة من عمره.. يسير بها في أزقة جدة الضيقة وحاراتها.. ويذهب عليها لزيارة خالاته وعماته وأخواله وأعمامه..

* * *

دخل الفصل يومًا مدرس السنة الرابعة الابتدائية.. وضربه بتلك العصا المتعارف عليها (الخَيْزَرانَة).. على ذراعه الأيمن.. وأخرى على الأيسر..

صاح الابن بأعلى صوته ألمًا.. وهو الذي لم يتعود على أن تُسلب الابتسامة منه.. أو تذرف الدموع من عيونه.. فحياته كلها اهتمام وعناية ودلال..

سأل المدرس: لماذا..؟!

وعيونه تنهمر منها الدموع كنهر تنساب مياهه في جداوله..

قال المدرس: لقد رأيتني يوم أمس وأنت تركب الدراجة.. ولم تنزل عنها حتى أمرَّ بك.. واصلت ركوبك وكأنك لا تراني..

* * *

ذهب الابن لأمه.. باكيًا مكلومًا.. وأخبرها ما دار بينه وبين المدرس..

قالت له أمه: لقد أخطأت.. فقد كان من المفروض أن تترجل.. حتى إنه كان من الواجب عليك أن تذهب للسلام عليه..

قال لها: أنتِ دائمًا تقولين لي إني مخطئ في كل شيء.. سوف ترين الآن أبي.. فهو سينتقم لي..

* * *

حضر الأب.. وحكى له حكايته.. أمام والدته..

قال الأب: أنت تعلم أنني أحبك كثيرًا.. وأسعد بوقتي معك.. فأنت ابني الوحيد.. وكل الحارة تعلم أنك ابن مدلل.. خلوق مجتهد.. ولكن هذه المرة.. سوف تأخذ مني عقابًا تستحقه..

- كيف ترى الأستاذ ولم تترجل..!؟ ماذا دهاك..!؟

- هل هو الغرور أو الجهل.. أو عدم التهذيب..!!؟

- ثم تتجرأ أيضًا وتشتكي لي مدرسك الذي يعلمك..!!

- عقابك عندي.. أنك لا تكلمني طوال اليوم..

* * *

نظرت الأم لابنها وقالت:

يا بني.. غدًا تعتذر للمدرس.. وتشكره على توجيهك.. وتهديه تحياتنا.. وتعرب له عن تقديرنا لعمله الجليل معك..

قام الابن بتنفيذ وصية أمه.. أبلغ مدرسه موقف والديه.. وشكره واعتذر عن فعلته..

* * *

في اليوم التالي.. أحضر الأب ريال فضة.. أعطاه للمدرس.. وأوعز له أن يهديه لابنه.. هدية من أستاذه له..

* * *

أين يذهب أولادنا.. إذا وجدوا هذا التعاون بين البيت والمدرسة..!!؟

إلى النجاح.. بكل تأكيد..

* * *

الكلمة الأخيرة:

رأي الوالدين عدل.. عدلهما فضل.. فضلهما بر.. وبرهما الجنة.. من يرغب في الشراء..؟!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store