Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عبدالرحمن العرفج

خَالِف تَعرِف.. ماذا تزرع ومتى تقطف!!

الحبر الأصفر

A A
أَشتَغلُ هَذه الأيَّام عَلَى كِتَاب؛ حَول تَبسيط نَظريَّات وإسترَاتيجيَّات وطُرق تَوليد الإبدَاع، وصِفَات المُبدع، مِن أَجل أَنْ أُقدِّمه لمَن يَحتَاجه، وبالتَّأكيد، فإنَّ لكُلِّ كِتَابٍ قَارئًا، حَتَّى لَو كَان هَذا الكِتَاب مِن سَوَاقِط الكُتب، وقَديمًا قَالوا: «لكُلِّ سَاقِطٍ لَاقِط»..!

أَثنَاء القِرَاءَة والبَحث، وتَحضير المَادة العِلميَّة، وَجدتُ أَكثَر مِن خَمسين صِفَة للمُبدع، ولَكن أَهم هَذه الصِّفَات -عَلى الإطلَاق- هي صِفة «الاستقلَال»، والاستقلَال هُنَا، هو القُدرَة عَلى التَّفرُّد ومُخَالفة الآخَرين فِي الاهتمَامَات، ولَا أَقصُد طَبعًا الفَريق الطَّهرَاني لكُرَة القَدم؛ المَعروف بـ»الاستقلَال»..!

إنَّ الاستقلَال نَلحظه دَائِمًا فِي كَلِمَات المُبدعين، فمَثلًا يَقول الفَيلسوف الكَبير «مكسيم غوركي»: (جِئتُ إلَى العَالَم كَي أَختَلف مَعه)، كَمَا أَنَّ هَذا المَفهوم يَظهر جَليًّا فِي قَول الفَيلسوف «برتراند راسل»: (إنَّني لَا أَهتمُ كَثيرًا بآرَاء النَّاس؛ فِيمَا أَقوم بِهِ مِن أَعْمَال)..!

كَمَا أَنَّ المُوسيقَار العَالَمي «موتسارت» يَقول: (إنَّني لَا أُعير الآخَرين أَي اهتمَام، ولَا الإمبرَاطور نَفسه فِيمَا أَفعَلُه أَو لَا أَفعَلُه)..!

وفِي نَفس السِّيَاق يَقول الرَّسَّام العَالمي «فان جوخ»: (لقَد تَعوَّدتُ أَنْ أُعبِّر عَن الأشيَاء، تبعًا لمَزاجي الخَاص وشَخصيَّتي، ويَجب أَنْ أَرسم الأشيَاء مِن خِلال نَظرتي إليهَا، ولَيس مِن خِلال نَظرة الآخَرين)..!

أَكثَر مِن ذَلك، عِندَما انتُقد «فان جوخ»؛ عَلى طَريقة مَلبسه وصَعلكته قَال: (إذَا كَان عَليَّ أَحيَانًا أَنْ أُضحِّي بالعَادَات، التي اصطَلحَ عَليهَا المُجتَمع، حَتَّى أُنجز عَملي، فسأَجد مُبرِّرًا لذَلك)..!

إنَّ مُخَالفة السَّائِد والاستقلَال بالرَّأي، هي أَهم صِفَات المُبدعين، لذَلك يَقول «بيكاسو» لأحَد مُحدِّثيه: (إنَّ الصّور التي تَعتبرها اليَوم رَائِعَة، هي التي تَمرَّدتَ عَلَى القَوَاعِد؛ التي وَضعهَا أَساطِير الفَنّ فِي فَترةٍ مَاضية)..!

حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!

بَقي القَول: لقَد حَاولتُ أَنْ أَتلمَّس ظَاهرة ضمُور الإبدَاع، والأَنيميَا الحَادَّة فِي نَقص الابتكَار، فوَجدتُ أَكثَر الأَسبَاب هي: الِبيئَة التي تَقمع المُبدع، وتَحرمه مِن الاستقلَال والتَّميُّز، لأنَّه إذَا حَاول أَنْ يَتفرَّد، ضَربوه بكَفِّ التَّحطيم، مِن خِلال العِبَارَة القَائِلَة: «خَالِف تُعْرَف»..!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store