Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
سامي سعيد حبيب

على شفا جرفٍ هارٍ من العالمية الثالثة

A A
لا يزال التصعيد الكلامي في تزايد مستمر بين كل من الولايات المتحدة الأمريكية وكوريا الشمالية، على خلفية تعجيل الأخيرة في التقدُّم المضطرد في إنجازات كل من برنامجيها: أسلحة التدمير الشامل (الذرية)، والبرنامج الصاروخي الذي نجح في بلوغ مسافات لم يبلغها من قبل، وأصبح بإمكان كوريا الشمالية أن تطال كثير من المدن الأمريكية الكبرى، بل ونجحت كذلك في تطوير أجيال جديدة من أسلحة الدمار الشامل الصغرى، والتي أصبحت تُسمَّى (ميني، ومايكرو نيوكس)، والتي تتراوح طاقتها التدميرية ما بين 1 إلى 10 كيلو طن، ومن بين مزايا البعض منها أنها لا تترك بصمة إشعاعية في بيئة التفجير، أي لا تُخلِّف إشعاعات، مما يُصعِّب إثبات كونها من بين أسلحة الدمار الشامل عند إجراء التحقيقات التقنية اللاحقة، كما أنها صغيرة الحجم جدًا (بالمقارنة)، بحيث يمكن استخدامها مع القذائف التكتيكية في مسرح عمليات المعارك، أو كحقيبة يدوية يستطيع فرد واحد حملها والتحرك بها دون أن يلفت إليه الأنظار، وما يمثله ذلك من احتمالات عمليات إرهابية.

عودًا إلى خطورة التصعيد الكلامي على الأمن والسلم العالميين في هذه الواقعة، يرى كثير من المراقبين الأمريكيين أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رجل قليل الخبرة السياسية والعسكرية، خصوصًا في العلاقات الدولية وحساسية التعامل بالمثل في تعاملات السيادة، وكذلك عدم وضوح تعليقاته بخصوص هذه الأزمة يجعل الموقف الأمريكي غامضًا، ويضطر مساعدوه لإصلاح الموقف بتعليقات تصحيحية. لقد هدد ترامب صراحةً كوريا الشمالية بالتدمير الكامل وباستخدام القوة المفرطة، وصب جام الغضب والنيران عليها قائلاً: (إن الولايات المتحدة ستضطر لتدمير كوريا الشمالية بالكامل، ما لم تتراجع «بيونج يانج» عن تحدِّيها النووي)، ساخرًا من الزعيم الكوري الشمالي «كيم جونج أون»، وواصفًا إياه بأنه «رجل صواريخ» في مهمة انتحارية.

وأضاف ترامب: إن الولايات المتحدة تملك الكثير من القوة والصبر، لكن إذا ما اضطرت للدفاع عن نفسها أو حلفائها، فلن يكون أمامها خيار سوى تدمير كوريا الشمالية بالكامل.

لذلك يرى كثير من المتابعين الأمريكيين والعالميين بأن هذا التصعيد الكلامي قد يُشعل حربًا نووية كبرى -بعد قضاء الله وقدره-، فهذه الحرب رهينة لما ستؤول إليه تلك التصريحات النارية، وقد حذّر القائد الأموي المشهور نصر بن سيّار من التصعيد الكلامي في اشتعال الحروب قائلاً:

أرى تحت الرماد وميض

نار

ويوشك أن يكون لـه

ضرام

فإنّ النار بالعودين

تذكى

وإن الحرب مبدؤها كلام!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store