Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سعود كاتب

حرية التعبير وسمعة البلد

A A
ذكرت في مناسبات ومقالات عديدة أن سمعة البلد يجب أن تكون خطًا أحمر لا يسمح لأحد بتجاوزه، خاصة في ظل تحول العالم إلى قرية صغيرة واختفاء الحدود بين الإعلامين الداخلي والخارجي، إضافة إلى حقيقة أن هناك من يتصيد دومًا كل شاردة وواردة للإساءة لنا دوليًا وتصويرنا في نظر الآخرين بشكل سلبي مجافٍ للحقيقة.

هذا الأمر تبادر إلى ذهني مجددًا فور اطلاعي على لقطة فيديو متداولة لأحد الدعاة وصف فيها المرأة بأنها «بربع عقل»، حيث بدا جليًا حينها أن هذا الموضوع سيكون مادة دسمة لبعض وسائل الإعلام الأجنبية، وهو أمر ليس بالجديد أو الغريب إذ تعودنا ذلك من تلك الوسائل الحريصة بشكل لافت وغير طبيعي على تلقف الهاشتاقات واللقطات المسيئة للمملكة وتحويلها إلى قصص صحفية تفتقد للمهنية والمصداقية، كونها غالبًا ما تكون مجتزأة وغير معبرة عن حقيقة رأي غالبية المجتمع الرافض لها.

وواقع الأمر أن الإساءة وتعمد الاجتزاء لا يحدث فقط من وسائل الإعلام تلك، ولكنه يحدث أولا من قبل الأشخاص الذين استمرأوا وضع الهاشتاقات واللقطات بعد اقتطاعها من صورها الكاملة بغرض منحها أكبر قدر من التأثير السلبي. ويرى البعض أن هذا ما حدث في لقطة الداعية المذكور أعلاه، حيث نشر بعض المدافعين عنه لقطات من نفس محاضرته يثني فيها على عقول بعض النساء ويقول أنها أرجح من عقول كثير من الرجال، وأن المرأة «لا ينبغي تعييرها بنقص العقل». فهنا نجد أن كل طرف يحاول اجتزاء ما يريد من الصورة وإخفاء آخر لتحقيق أهدافه الخاصة بأسلوب ذكر نصف الحقيقة الذي يعتبر كذبًا لا جدال فيه. والمؤكد أنه بالعودة إلى كامل المحاضرة فإننا نجدها مليئة فعلًا بالإساءات غير المقبولة للمرأة وللمجتمع بشكل عام. والخطوة التي قامت بها إمارة منطقة عسير بإيقاف ذلك الداعية عن الإمامة والخطابة وجميع المناشط الدعوية كانت خطوة موفقة وضرورية، ليس فقط لإثارته للرأي العام كما تم ذكره، ولكن لإهانته للمجتمع بأسره، فإهانة المرأة ليست مجرد إهانة لنصف المجتمع فحسب، فمن يهين أمي وأختي وزوجتي وابنتي يهينني أيضًا كرجل. ناهيك على تسببه كما ذكرت سابقًا في تشويه صورة المجتمع وسمعته، وهو أمر مرفوض يجب محاسبة من يقوم به بعقوبات شديدة ورادعة، وهذه العقوبة يجب أن تمتد أيضًا لتشمل كل من يشارك بإنتاج ونشر المقاطع والهاشتاقات المغلوطة والمسيئة.

هذه قطعًا ليست دعوة للتضييق على حرية التعبير، فحرية التعبير يجب أن تكون مسؤولة وغير مسيئة للآخرين أو مخالفة للأنظمة والمصلحة العامة. وحرصنا الشديد على سمعتنا الشخصية وسمعة أفراد عائلاتنا ينبغي أن يصاحبه بالضرورة حرص مماثل على سمعة بلدنا واعتبارها خطًا أحمر لا يجوز التعدي عليه. 

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store