Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أويس عبدالرحيم كنسارة

التسامي عن بغيض الأسامي

A A
تقول الأخبار الصحفية: إن ما معدله ١١ مواطنا، من مختلف المناطق، يتقدمون يوميا للأحوال المدنية، طالبين تغيير أسمائهم!

ما قصة اسمك؟ سؤالٌ يثير الشجن لدى الكثير، ولا يحرك ساكنا لدى الكثير الآخر. بعض الأسماء تجلب التفاؤل، وبعضها يجلب الضحك، والبعض الآخر لا يعلم أصحابها معانيها، ولا يرغبون معرفتها من الأساس.. (ولا تسألوا عن أشياء إن تُبدَ لكم تسؤكم)! لذلك أحسنوا أسماء المواليد، كي لا يصابوا-مستقبلا- بالتعقيد!

ذلك لأن الأسماء تؤثر في ذواتنا، وتتفاعل مع شخصياتنا، نتيجة لتكرارها الهائل، على مسامعنا وأبصارنا، وبالتالي فتوكيدات معانيها، وما تبعثه من إيحاءات، لابد وأن يؤثر فينا، وفي سماتنا، وحياتنا، وتشكيل ماهياتنا، ولذلك قالت العرب قديما: إن لكل امرئٍ من اسمه نصيب!

بل إن العلم الحديث، يخبرنا أن الأسماء تؤثر على الفرص الوظيفية لأصحابها، فمجلة علم النفس الأمريكية -مثلاً- وجدت أن الناس يثقون بميكانيكي يدعى (برونو) أكثر من آخر يدعى (تومي) وأن ممرضة تحمل اسم (ايمي) أفضل من أخرى تدعى (باتي)، لا لشيء إلا للفكرة الذهنية المسبقة عن الاسم لدى الآخرين في مجتمعهم.

وعند الفنانين بالذات يصبح الاسم وسيلةً مهمة لتشكيل الانطباع، ولذلك تجد معظم الفنانين يغيرون أسماءهم. فالشحرورة صباح كان اسمها الأصلي جانيت جرجس، ومي عز الدين كانت «ماهيتاب»، ولبلبة كانت «نينوشكا».. بينما «كايتي بيري» كانت كاثرين هدسون، «ولانا ديل راي» كانت ليزي غرانت، وغيرهم كثيرون.

وقد فطن الصينيون، من قرون عديدة، لأهمية الأسماء والمسميات، ولذلك فهم يتفادون التسمية التلقائية، ولا يقومون بالتيمّن بأسماء الآباء والأجداد، بل يحرصون على اختيار أسماء مميزة، يتفاءلون بها، ويدفعون من أجلها نقودا للخبراء والمتخصصين، فسعر خدمة الاسم في المئات من المنصات الإلكترونية لديهم، يصل إلى ألف دولار أمريكي..! والحكمة ضالة المؤمن، حتى ولو كانت صينية.

وبالمناسبة، أنا لست ضدّ من يُسمّي أبناءه، تيمّنًا باسم آبائه وأجداده، بل تبدو لي عادةً حميدة، لكنها تنفكّ عن ذلك إذا كانت الأسماء سلبية المعنى، مستهجنة، أو حتى (دقّة قديمة) غير مستساغة في حاضرنا.. فهناك العديد من الطرق لبر آبائك، ليس منها أن تفسد حياة أبنائك!

أما خاتمة المقال، فأهديها لأصحاب المواليد الجدد، ممن أعجبهم اسمي، ويريدون التسمية به. أحييكم بدايةً.. وأخبركم أن أويس اسمٌ عربيٌّ (قحّ)، ولا علاقة له بـ(لويس العاشر) ولا التاسع عشر.. ومعناه في المعاجم العربية هو الذئب الصغير، والأهم من ذلك أن والدي - أطال الله عمره - سمّانيهُ تيمّنًا بالتابعيّ الجليل أويس القرنيّ، المشهور ببرّ الوالدين، والذي دعا له الرسول صلى الله عليه وسلم وأوصى صحابته بأن يذهبوا وينهلوا من دعائه المستجاب، وللقصة بقية أنصحكم بقراءتها عسى أن يجعل الله لأويسكم من اسمه نصيباً!

** لفتة: قال صلى الله عليه وسلم (إِنَّكُمْ تُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَسْمَائِكُمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِكُمْ، فَحَسِّنُوا أَسْمَاءَكُمْ)!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store