Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م.سعيد الفرحة الغامدي

فعلًا نحن على أعتاب مرحلة جديدة

A A
قرار المساواة في معاملة المرأة أسوة بالرجل في التعاملات المرورية، بما نصه (اعتماد تطبيق أحكام نظام المرور ولائحته التنفيذية بما فيها إصدار رخص القيادة على الذكور والإناث على حد سواء).

يأتي هذا القرار في وقته بعد أن قطعت المرأة شوطًا كبيرًا في ميدان التعليم والتنمية والعمل والاستثمار وأصبحت تشارك في كل الأنشطة الوطنية باقتدار.

عندما فتح الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمة الله عليه برامج الابتعاث الخارجي لتشمل الجنسين، وسبق ذلك إدخال ثلاثين عضوًا نسائيًا في مجلس الشورى أبرزت المرأة السعودية قدراتها واستعدادها للإبداع والتفوق أسوة بغيرها من نساء العالم، فتلك خولة الكريع وحياة سندي والمطيري وغيرهن نلن شهرة عالمية في مقاعد الدراسة وعلى منصات التفوق والعمل الميداني، واحتفظن بعاداتهن والتقاليد الإسلامية التي هي من صفات المجتمع المسلم والمرأة السعودية على وجه الخصوص في المقدمة.

خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان كان في قلب مشروعات التنمية الوطنية من موقع متميز وفي إمارة الرياض قريبًا، ومشاركًا في صناعة القرارات الجوهرية في مسيرة المملكة التنموية وعندما يُقدم على القرار الأخير في إعطاء المرأة حقها وفسح مزيدًا من مجالات المشاركة، فهو بحق يدرك الأهمية واللحظة الزمنية ومتطلباتها لأنه يريد أن تكتمل عناصر مقومات النقلة الشبابية إلى مستوى متقدم لا يسمح للتخرصات من قبل المتربصين باللعب على أوتار النشاز والتأزمات الاجتماعية المستهدفة لأمن واستقرار الوطن.

منع المرأة من القيادة كان مدار حوارات وانتقادات من جهات عدة في الداخل والخارج وفي بعض الحالات خلق إحراجات دون مبرر لأنه من حق الدول والمجتمعات اختيار الوقت المناسب لإخراج قراراتها التي تمس النسيج الاجتماعي الأوسع مع أهمية التوفيق بين وجهات النظر، وهذا ما حصل في اختيار قرار المساواة في التعاملات المرورية.

استقبال القرار كان ولا زال مدار اهتمام كبير من قبل المجتمع، ولكن الواقع في النهاية أن عواصف الضجيج ستهدأ وسيتقبل الجميع الأمر والواقع، والكل يتعامل بطرق حضارية واحترام الأنظمة والابتعاد عن السلوكيات الشاذة، ولسنا أول المجتمعات التي تسمح للمرأة بقيادة السيارة، وإنما نحن نسير في ركاب المواكبة والتطورات التنموية التي تسود البلاد في شتى مجالات الحياة، فالطبيبة والمعلمة وربة المنزل وصاحبة الأعمال قد تحتاج لقيادة السيارة والاستغناء عن السائق الأجنبي، وذلك الخيار شخصي وأسري ومجتمعي يضيف إلى مشوار التنمية بُعدًا جديدًا مُستحقًا في المرحلة الحالية المُحمّلة بالتطلعات الطموحة في مسيرة نهضنتا الخلّاقة.

ومن الأمثلة الجديرة بالاهتمام أن هناك في شمال أمريكا انتشر وجود شركات توفر سيارات في أماكن معينة من المدينة يمكن التعامل معها بواسطة الجوال، يستخدم الشخص السيارة لقضاء غرضه وإرجاعها في أقرب محل لسكنه بعد المشوار، هذه من الآليات التي من المتوقع أن تناسب المجتمع السعودي ولا تضطر المرأة لشراء سيارة كل ما تحتاجه وثيقة قيادة وإثبات هوية.

ولا يخفى على أحد مقدار الوفرة المادية التي تُقدر بالمليارات، التي سيتم تدويرها في عجلة الاقتصاد الوطني بدلًا من تحويلها إلى الخارج، سيكون هذا من جراء الاستغناء عن السائق الوافد بكل ما يترتب على وجوده من إحراجات أسرية ومخالفات وتحمل أعباء تكاليفه المادية، ومن المتوقع أن يقل عدد العمالة الوافدة تبعًا لهذا القرار بأعداد كبيرة. ومع تطوير وسائل النقل في داخل المدن من المتوقع أن يشهد الاقتصاد انتعاشًا ونقلة جديدة تصب في طموحات الاقتصاد الوطني وتدفع بالعنصر النسائي لمزيد من المشاركة العملية في التدبير والتدبر فيما يخدم مصلحتها وأسرتها والمجتمع الذي فتح لها باب المشاركة، وفرص العمل والآمال كبيرة بثقة إننا نسير في الاتجاه الصحيح.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store