Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. ياسين عبدالرحمن الجفري

التفاعل بين السياسة المالية والإنفاقية.. والاقتصاد

A A
السياسة المالية والإنفاقية في أي دولة تصقل وتعكس اتجاهات الاقتصاد فيها ومساره، حيث ومن أكثر من زاوية هناك سياسات مالية لها تأثير إيجابي، وأخرى لها تأثير سلبي. ومن ضمن السياسات المالية السلبية ما يتعلق بأسعار الفائدة السائدة وتحركاتها. يضاف لها حجم اعتماد الدولة على الاقتراض من عدمه، مما يُؤثِّر على حجم السيولة المتوفرة في السوق، وقدرة الأعمال على الحصول عليها. وعادةً ما تؤدي السياسة المالية السلبية إلى شُح السيولة وارتفاع تكلفة الأموال فيها. كما يؤثر على السياسة المالية توجُّهات الدولة من زاوية فرض الرسوم والضرائب على السلع والخدمات، مما يرفع من مداخيل الدولة، ويُؤثِّر على حجم السيولة الحرة التي يمكن أن تدخل في السوق. ولكن ظهرت في الآونة الأخيرة -واستخدمت بكثرة- عملية التيسير الكمي كأداة إضافية لتطبيق السياسة المالية للدولة من خلال توفير السيولة اللازمة، إما من خلال قروض من البنك المركزي، أو شراء أصول مالية، والهدف هو رفع حجم السيولة المتوفرة في السوق.

ويقابل ذلك في الجانب الآخر السياسة الإنفاقية من طرف الدولة، فارتفاع حجم ونمو الإنفاق الحكومي عادةً ما تكون له انعكاسات إيجابية على الاقتصاد، حيث ينتعش الاقتصاد من توفُّر المشاريع وضخ السيولة من طرف الدولة. ويتحرك بموجبه الاقتصاد وينمو ويتوسَّع. وفِي الجانب الآخر انخفاض وتراجع الإنفاق الحكومي عادةً ما تكون له انعكاسات سلبية على الاقتصاد وتراجعه.

وقد عايش الاقتصاد السعودي خلال عام ٢٠١٧ ضغوطًا انكماشية، ولكن ومع نهاية العام لم تصل إلى حجم تخوُّف السوق والتراجع الحاصل. فقد شهدنا ضغوطًا قوية أكبر بكثير مما حدث على أرض الواقع، حيث كان الرهان على تراجع أسعار النفط وزيادة حجم الاقتراض الحكومي من السوق المحلي حسب التجارب السابقة. ولكن الدولة اعتمدت على احتياطياتها الخارجية وعلى الاقتراض الخارجي، علاوةً على التفكير خارج الصندوق من زاوية إيجاد وتنمية السيولة، والاستفادة من الأصول المتوفرة لديها، وكان التوجُّه يختلف عن المعتاد. ولكن الاقتصاد السعودي لم يستوعب مختلف السياسات المالية والإنفاقية المطبَّقة، الأمر الذي أدى إلى ردّة فعل أعلى مما يجب. ومع بداية عام ٢٠١٨ سنشهد استكمال لسلسلة القرارات المزمع اتخاذها فيما يخص السياسة المالية والنقدية، فهل سيستمر الاقتصاد بالتفاعل السلبي بدرجة أكبر من المتوقع كما حدث سابقًا، أم سيتجه السوق نحو التوازن؟.. الأيام المقبلة كفيلة بوضع النقاط على الحروف.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store