Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
نبيلة حسني محجوب

أسعار شركات الاستقدام.. التأجير والفشل!

A A
سيظل المواطن المهموم بحياته وجريانها، يسعى حثيثًا لتستمر المياه تجري في نهر الحياة دون عوائق، كي يستمتع بكل ما تقدمه له الدولة من خدمات وتسهيلات، ويستمر نهر حياته متدفقًا بسلاسة وعذوبة، إلا أن بعض الأنظمة والقرارات توقف جريان مياه نهر الحياة وتثقل كاهل المواطن بالهموم، لأنها تصدر حسب مقاس بعض المسؤولين والمتنفذين في الوزارات والهيئات ذات العلاقة المباشرة بالمواطن، كقرار شركات الاستقدام، ووقف تأشيرات الاستقدام من أندونيسيا أمام الأفراد بينما هي متاحة مباحة للشركات الكبرى التي تقوم بتأجير هذه العمالة بمبالغ خيالية ليست في قدرة ولا إمكانية المواطن متوسط الدخل أو حتى أصحاب الدخول الكبيرة الذين تتسع نفقاتهم وترتفع بارتفاع رواتبهم، أي أن الراتب مهما ارتفع يظل أصحابه من ذوي الدخل المحدود.

الشركات التي تؤجر العاملات «بشيء وشويات» لا تملك إمكانية تغطية الطلبات المتلاحقة من العمالة، ووقعت في نفس الإشكالية التي انتهجتها شركات الاستقدام التي تم إغلاقها مع أنها كانت على قدر «لحاف» المواطن إذا كنا نريد من المواطن «مد رجليه على قد لحافه»، فمن يملك مبلغ «33 ألف ريال» للسنة الواحدة - حسب إحدى الشركات، أو «24 ألف ريال» للسنة الواحدة أيضًا لشركة أخرى، الأولى مع الراتب والثانية بدون راتب، أي أن المواطن عليه دفع «2000» ريال شهريًا للعاملة غير ما دفعه قيمة للإيجار، أي «4000» ريال شهريًا.!

أنظمة وقرارات وزارة العمل سمحت لشركات الاستقدام استغلال حاجة المواطن دون رقابة أو محاسبة ودون تحديد للرسوم ومعايير ومواصفات لنوعية العمالة ومستوى أدائها، وتوفير تدريب وتأهيل نفسي ومهني واجتماعي للعمالة التي تتقاضى عنها كل تلك الرسوم العالية، وإخضاع المواطن لكافة شروط وقوانين الشركة ومنها استيفاء الرسوم كاملة، وفي حالة عدم موافقة العمالة للعميل وهو يحدث كثيرًا، يتم إجبار العميل على تجربة نماذج أخرى تفشل مرة أخرى في المواءمة مع الأسرة، فتنقضي المدة والأسرة مرهقة لأنها لم تتوافق مع العمالة التي ضحت من أجلها بجزء كبير من دخلها، ولأنها تسعى لتدريب العمالة على نظامها لكنها مضطرة بعد أيام أو أسبوع بالأكثر على إرجاعها وتجربة عاملة أخرى وهكذا يتم استهلاك المال والجهد في الهباء، والعمالة تلف وتدور من منزل لمنزل والضحية المواطن.

أتحدث عن تجارب شخصية، وهاتفي أصبح مزدحمًا بأسماء وأرقام شركات تأجير العمالة المنزلية، كل مكتب يطلب مهلة لوصول دفعة جديدة، يبدو أنها لم تصل أو أن الطلب أكبر من قدرة هذه الشركات التي احتكرت الاستقدام وهذا يتنافى مع رؤية 2030 التي تتخذ من الاقتصاد الحر مرتكزًا لها، وتفتح أبواب الاستثمار أمام الأجنبي بينما تغلق وزارة العمل سوق الاستقدام في وجه المستثمر السعودي.

الاستقدام، سوق رائجة ومربحة بحاجة إلى فتحها بضوابط ومعايير لا ترهق المواطن بل تضمن حقه، وتضمن انخفاض الأسعار والتميز، أي العودة لفكرة التنافسية والحرية المتاحة أمام المستهلك، لكن هذا النظام المغلق على شركات بعينها وحرمان السوق من فرصة المنافسة حول الاستقدام إلى نوع من الاحتكار تحكَّمت فيه عدد من الشركات، رغم حرص المواطن الالتزام بأنظمة وزارة الداخلية وعدم تشغيل العمالة غير النظامية إلا أن كل شيء يسير ضد رغبته ومواطنته على رأي الشاعر الذي لم أعثر عليه: «إن لم يكن إلا الأسنِّة مركبًا *** فما حيلة المضطر إلا ركوبها».

البيت السعودي يعتمد على العمالة المنزلية ليس الأمر حديثًا أو نتيجة عمل المرأة بل من قبل نظام الاستقدام كان الاعتماد على بعض الجنسيات التي عاشت وتوالدت بيننا، وعندما وضع نظام الاستقدام قدَّم خدمة عظيمة للأسرة السعودية رغم الثغرات الكثيرة، وبدلًا من تحسينه تم تعقيده وتقييده حتى أصبح استقدام عاملة منزلية أو سائق قضية أسرية ومادية عسيرة في ظل هذا النظام «التأجير» وفي ظل «الاحتكار» بدلًا من «دعه يعمل دعه يمر» لا عرف يعمل ولا عرف يمر وإنما فشل مستمر في توفير العمالة الماهرة وفي تغطية احتياج السوق.

مقالة الكاتب محمود إبراهيم الدوعان في هذه الصحيفة الجمعة 6/‏‏10/‏‏2017م «شركات تأجير العمالة المنزلية» تناقش ذات القضية لمن يهمه الأمر!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store