Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أويس عبدالرحيم كنسارة

بين المادة، والمودة، وفارس الأحلام!

A A
• كانت الفتاة في السابق تنتظر فارس أحلامها على الحصان الأبيض، ممتطيا معه بياض الأخلاق، ومناقب الرجولة والعصامية.. بينما بات (بعض) فتيات اليوم وأهاليهم، يُنقّبون عن مناجم الذهب في جيوب أزواج المستقبل، باحثين عن صاحب الثروات والأرصدة، متغاضين عن وفرة العيوب، ورافضين غنيّ الأخلاق، مستور الحال والجيوب.

‏‏• والذي يحيّرني: هل الزواج مؤسسة تجارية ربحية، لزيادة الدخول والأملاك؟ أم مؤسسة شراكة حياتية؟ وفِي هذا الارتباط المبني على المادة البحتة، كيف سيتشارك الزوجان الأفكار والطموحات والهوايات والرغبات؟ كيف ستتحقق غايات الزواج الأساسية، كالسكينة والحميمية، والمودة والرحمة المذكورتان في الآية القرآنية؟

‏• إن زواج المصلحة المادّية، صفقة قصيرة العمر، كثيرة الخسائر.. وأرجوكم، لا تعتبروا هذا الكلام ضربا من المثالية، وابتعادا عن الواقعية، بل هو حقيقة تؤيدها تجارب المجرّبين، وحتى دراسات المختصين، وتمثيلا على إحداها، أكد الباحثون في جامعة «بريغهام يونغ» بناءً على دراسة دقيقة، أن الماديين يعانون من زيجات غير سعيدة مقارنة بمن لا يهتمون كثيرا بالممتلكات، وأن أي علاقة تتكون من زوج مادي على الأقل، تعاني بشكل أكبر من النزاعات.

‏‏• فالتي تقبل بصفقة كهذه، يجب أن تكون مستعدة للثمن الذي ستدفعه من مشاعرها وكرامتها وصحتها النفسية، ومهما تظاهرت أنها لا تهتم كثيرًا بذلك، فإنه سيأتي اليوم الذي يزول فيه انبهارها بالمال الفائض عن الحاجة، وتمل فيه من المادة، وتبحث عن المودة، وتتشوّق إلى العواطف وحسن العشرة وبقية المعاني التي فقدتها مقابل ماكينة الصرافة المتنقلة.

‏‏• لذلك، اطلبي الثراء من مصادره الطبيعية، بالشهادة والعمل، والطموحات والإنجازات، ففرص المرأة، في عهد تمكين المرأة، وفي ظل قيادتنا الغرّاء، أصبحت كثيرة وفيرة.. أما الزواج فلا تطلبي من مادياته سوى الاكتفاء والأساسيات، ونقّبي فيه عن الطِّباع والأخلاقيات، وتشابه الاهتمامات، لتسلمي من المنغّصات، وتكوني من السعيدات.

‏‏• والمقصود أن تترك الفتاة بحثها عن مصباح علاء الدين، وتقبل بمن يقاربها في المستوى المادي، وأن تعي في الوقت نفسه، أن العريس شابّ في مقتبل العمر، ومن غير المنطق أن تضع صورة ذهنية لدلال والدها في شخص زوجها، فالأدوار تختلف، والمراحل العمرية تتفاوت، والكثير من الأغنياء كانوا في بدايات حياتهم لا يملكون إلاّ رواتبهم، ولكن مع العمل والكفاح ومرور الزمن حققوا ثروات اليوم.

‏‏• ختاما، أجدد نُصحي وتمنياتي الوردية للمقبلات على الزواج، أما التي لم تقتنع بكلامي بعد، فسأردد لها المثل الشعبي البليغ: (يا من أخذ القرد على ماله، يروح المال ويبقى القرد على حاله)!!

‏***

‏•• وصية: (إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ) - النبي صلى الله عليه وسلم

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store