Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م.سعيد الفرحة الغامدي

انتخابات اليونسكو..!

A A
تتكرر محاولات مسئولين عرب لهم باع طويل في الأدب والثقافة والدبلوماسية سعياً للفوز برئاسة منظمة اليونسكو المعنية بشؤون الثقافة في العالم ،وكل المحاولات مع الأسف باءت بالفشل. وهنا لابد من طرح السؤال : لماذا يصر العرب على خوض معارك غير ممكن كسبها على الأقل في المرحلة الحالية ؟ بالإضافة الى أن كلمتهم غير موحدة.. ويتقدم أكثر من منافس لتتوزع الأصوات ،ويبدأ كشف الأوراق أمام المرشحين من غير العرب ليطلعوا على نقاط الضعف ويتم توظيفها ضد المجموعة العربية بمجملها ،وفي النهاية ينسحب أو يفشل المرشح العربي مثلما حصل في الماضي !.

أتذكر عندما تقدم المرحوم الدكتور غازي القصيبي وكان المنافس العربي من جمهورية مصر العربية ،ومن اللحظة الأولى علمت بحكم خبرتي في انتخابات المنظمات الدولية بأن أياً من المرشحين العرب لن ينجح ليس لأنهم غير مقتدرين، فغازي القصيبي كان بإمكانه أن يدير المنظمة بأمانة واقتدار ويضيف لرصيدها العريق صفحات ناصعة مليئة بالإنجازات العظيمة لأنه أديب ورجل فكر وسياسة وله نظرة عالمية إنسانية وشمولية. وأحسب أن المرشح المصري أيضاً كان ذا مستوى عالٍ ،ولكن حظوظ القصيبي كانت الأفضل لو اتحدت كلمة العربي من البداية وليس بعد حملة انتخابية ضد بعضهم.

في هذه الدورة تقدمت قطر بمرشح مغمور خيم على ترشيحه بعض الشكوك بسبب مواقف قطر من شراء الأصوات والعمل الذي لا يليق بمنظومة الأمم المتحدة وكان ما كان. المرشحة المصرية بدون شك كانت معروفة ومقتدرة والدبلوماسية المصرية لها باع طويل في إدارة الانتخابات الأممية وتستطيع المنافسة وحشد الأصوات من الدول العربية والإفريقية والقارات الأخرى بحكم إرث مصر الثقافي ونشاطها الدولي المنظم والاحتراف الدبلوماسي. أقول هذا ليس مجاملة ولكن عن خبرة في الأمم المتحدة عندما فاز بطرس بطرس غالي بمنصب الأمين العام للأمم المتحدة ،وعمرو موسى مندوباً لمصر فيها ،والبرادعي في منظمة الطاقة العالمية ونجيب محفوظ أول عربي ينال جائزة نوبل وبعده الدكتور أحمد زويل وغيرها من المواقع المتميزة ..ولكن «ما كل مرة تنجح البطة « ،إن صح التعبير.

اليونسكو مقرها باريس والدولة المضيفة على الدوام لها حظوة مفضلة ،ومتى أرادت التقدم للانتخابات بإمكانها الفوز اذا توفرت كل الشروط المطلوبة للمنصب ، وهذا ما حصل في هذه المرة. المرشحة وزيرة سابقة ولديها خبرة في إدارة العمل الدبلوماسي وحشد الدعم من دولتها ومن بين الوفود في المنظمة الذين يحق لهم الادلاء بأصواتهم. والمنافسات على المراكز القيادية في المنظمات الدولية وغيرها لا تخلو من المناورات والوعود بشرط أن تكون مباحة وخالية من الفساد، ورغم ذلك فليس كل مندوبي الدول يوفون بوعودهم أو الالتزام بالتعليمات التي تصدر عن دولهم لأن الانتخابات سرية ومن الصعب معرفة الأصوات المرجحة في بعض الحالات، فقد يكون هناك تعليمات صريحة وتعليمات غير مكتوبة للمندوب لعمل خلاف ما هو مكتوب ولكن الحالات فردية وقليلة جداً ولكنها قد تفرق في بعض الحالات خاصة عندما يكون الفارق بسيطاً جداً كما هو الحال في المرة الأخيرة حيث حصلت المرشحة المصرية على ثلاثة عشر صوتاً وعندما قررت الانسحاب طلبت من كل من صوت لها التصويت لمرشحة فرنسا ولو حصل ذلك لكانت فرنسا حصلت على تسعة وثلاثين صوتاً بدلاً من ثلاثين صوتاً.. فمن هي الدول يا ترى التي غيرت مواقفها لصالح المرشح القطري؟ .

أمر محير ومحرج ..أليس كذلك؟ خاصة وأن الدولة المضيفة كانت المنافس الرئيسي.

مصر كانت تستحق الفوز ولكن الوقت غير مناسب والمكسب الوحيد هو منع المرشح القطري - الذي هو الآخر ضحية سياسة دولته - في هذه المرحلة.

فمتى يتعلم العرب اختيار الأجدر والوقوف بجانبه حتى النهاية للفوز في المحافل الدولية ؟.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store