Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عدنان كامل صلاح

ليست نهاية الحركات الانفصالية

A A
محاولتان انفصاليتان ، إحداهما في كردستان العراق والأخرى في كتالونيا إسبانيا ، فشلتا بالرغم عن الضجة التي ثارت حول كل منهما والتفاؤل بالنجاح الذي صاحب أحداث كل واحدة . بل قيل إن إسرائيل تقف داعمة مطالب الأكراد بإقامة دولة كاملة السيادة في المنطقة التي تقع بالفعل تحت سيطرة حكومة منتخبة لهم ، وبالتالي سيتم تجنيد أميركا وأوربا لدعمهم .

كان الظاهر يقول إن هاتين الحركتين الانفصاليتين ، لن تحقق أي منهما النجاح في مسعى إقامة كيان مستقل في هذا الوقت بالذات .. أوربا عارضت وبقوة إقامة دولة للكتالونيين ، بالرغم عن تعاطف فرنسي غير معلن اعتقد بعض قادة الانفصال أنه موجود ويمكن أن يكون سنداً لهم .. أما الأكراد فإن التصريحات المعلنة من كل الدول المحيطة بهم ( ولديها جماعات كردية بانتظار اليوم المناسب لانفصالها ) ، ودول العالم بما فيها أميركا حذرتهم من المضي قدماً في إجراءات الانفصال ، بالإضافة الى وجود خلاف داخلي فيما بينهم استغله الإيرانيون وأرسلوا قائد حرسهم الثورى الى المناطق الكردية العراقية المختلفة مع القيادة الكردية وواصل تواجده المباشر وغير المباشر خلال مختلف مراحل حركة الانفصال .. ورغماً عن ذلك مضت القيادتان في كتالونيا وكردستان في مسعاهما لتحقيق ما لا يمكن تحقيقه . فهل أصيب هؤلاء القادة بالعمى ، أم أن المستشارين والأصدقاء أوحوا لكل منهم بغير ما كان متوقعاً .. فهل هي آفة الخبراء والمستشارين التي تسببت بالمأساة التي نشاهدها اليوم .

ولن تكون هذه نهاية الحركات الانفصالية في العالم ، بل سنجد دوماً من يقف مع حقوق الأقليات والجماعات المضطهدة ويشجع انفصالها مستقبلاً . إلا أن كردستان العراق وكتالونيا أسبانيا لا يمكن وصفهما بأنهما شعوب مضطهدة ، بل لكل منهما حكومته الإقليمية الخاصة ، واقتصاده المزدهر ، وبالتالي ليس نموذجاً للجماعات التي تسعى للتحرر من الاضطهاد .

وفي عالمنا العربي جماعات وأقليات تطالب بالانفصال من الكيان الكبير الذي يحتويها أكان فـــي الصومال أو السودان ( التي انفصل جنوبها ويعيش حربه الأهلية الخاصة به ) ،أو اليمن حيث يسعى الجنوبيون للانفصال ويسعى منهم حراك حضرمي لانفصال آخر ،وكذلك الأمر في دول عربية أخرى بما فيها سوريا التي لم يتضح كيف ستكون صورتها السياسية لما بعد حربها الحالية والتدخلات الإيرانية والتركية والأميركية والروسية فيها . ولن تنتهي أو تتقلص هذه الحركات حتى ينعم العرب بنظام سياسي يوفر لكل منهم العدالة والرخاء الاقتصادي . وهو أمر يسعى الجميع إليه ، وليس من المؤكد أن يصلوا جميعهم لتحقيقه قريباً .. مما يتطلب إعادة نظر متواصلة في حلول تخفف معاناة الشعوب العربية وتحسن أداء أجهزتها البيروقراطية ، ونظامها السياسي .

وقد يخفف من القلق العربي أن الإدارة الأميركية الجديدة ( إدارة دونالد ترمب ) أعلنت تخليها عن دور الراعي لإحداث انهيار للنظام العربي ، الذي كانت تتبناه إدارة أوباما السابقة ، أكان عبر ما أسموه ( الربيع العربي ) أو الأدوات السياسية التي يستخدمونها من حركات باسم الدين تطرفاً واعتدالاً وباسم الليبرالية تحرراً وانفتاحاً ، وقد يحقق هذا الموقف طمأنينة لدى صاحب القرار العربي في منح المواطن العربي مزيداً من الصلاحيات وما يحقق للأقليات المهمشة دوراً فعالاً ضمن الحراك العام داخل الوطن .

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store