Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. بكري معتوق عساس

الفضل لمن؟!

A A
خلق الله الخلق لعمارة الأرض، ومن لوازم هذه العمارة أن يتفاوت الناس في أرزاقهم ومعاشهم؛ إذ لو كان كلهم أغنياء ما عمل أحد لأحد، ولو كان كلهم فقراء ما حصَّل أحدٌ المال من أحد، وما خدم أحد أحداً، فالتفاوت بين الناس سنّة من سنن الله في عباده.

عدتُ بالذاكرة إلى ما قبل خمسين عاماً مضت على هذه البلاد المباركة، فتذكَّرتُ أن الأعمال يقوم بها أهل هذا البلد على اختلاف درجاتهم وأنواعهم، فمن يبني من أهل البلد وكذلك من يحصد ويزرع ويُنظِّف كلهم من أهل هذه البلاد، ولم يكن بينهم وافد واحد، ثم أفاء الله علينا من فضله ونعمته، وفتح علينا بركات السماء والأرض فتغيَّرت الحال، واحتجنا للنهضة بالبلاد، فوفد إلينا عدد كبير من إخواننا المسلمين وغيرهم ليُشاركوا في البناء والتنمية، فجاءنا الأستاذ والطبيب والمهندس والبنّا والسباك والكهربائي وعامل النظافة... الخ، وأسهموا إسهاماً فاعلاً في النهضة المباركة، وهؤلاء كلهم أفادوا واستفادوا، فإقامتهم بيننا كانت للعمل، والدنيا أخذ وعطاء، وكسبوا الرزق لأنفسهم وذويهم.

ومن العيب النظرة الدونية لهؤلاء، فهم وإن صغرت أعمالهم ليسوا عبئاً علينا، بل تحقيق لقول الحق تبارك وتعالى: (ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضاً سخرياً)؛ لتتحقق عمارة الكون وناموس الحياة، وتنتظم الحياة، ولولا ذلك لعمَّ الخراب، وتعطّلت مصالح العباد. فالواجب أن يُنظر لهؤلاء بعين التقدير والاحترام، أوحى إليّ بهذا المقال رسالة بعثها إليّ أحد الأصدقاء وهي حوار دار بين أب وابنه، قال الولد لأبيه: صاحب القمامة عند الباب، يريد (عامل النظافة) فردّ الأب: يا بُنَيّ نحن أصحاب القمامة وهو صاحب النظافة، جاء ليساعدنا في المحافظة على جمال مدينتنا.

ما أجمل هذا الشعور، وما أروع هذه التربية، وما أحوجنا لبث الوعي والارتقاء في التعامل إلى المستوى اللائق بنا في هذه البلاد المباركة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store