Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

رايح الدوام.. يا قاتل يا مقتول !!

A A
تأثرْتُ بجناية قتل رئيس بلدية القرى في منطقة الباحة على يد أحد مرؤوسيه مؤخراً، وقتْلِ المرؤوس لنفسه بعد ذلك!.

يا الله، إنّها حادثة مؤلمة في جهة عمل حكومية يُفترض أن تكون هادئة تفوح منها رائحة ورق التصاميم الهندسية لا رائحة البارود والدماء، لا سيّما أنّ الشهود أكّدوا حُسْن أخلاق الجاني والمجني عليه على حدٍّ سواء!.

أعتقد، وبعد خبرة طويلة في مجال العمل الحكومي، أنّ الرؤساء والمرؤوسين في جهاتنا يحتاجون لتأهيل أفضل في التعامل فيما بينهم، يجعلهم مثل القنوات الإذاعية وتردّدات موجاتها Tuned

، أي متطابقين بما يجعل المرؤوسين مقتنعين برؤسائهم، ويجعل الرؤساء يتعاملون معهم بمرونة حتى لو حادت بعض الشيء عن الأنظمة، فما هذه الأخيرة سوى دليل إرشادي يمكن بها تحقيق روح العمل المطلوبة، أمّا تطبيقها بحذافيرها وبالكامل فصعب جداً، وقد لا يُطيقه إنسان خصوصاً في عصرنا المليء بالضغوطات المادية والاجتماعية والنفسية!.

أذكر خلال فترة تدريبي الهندسية في شركة أمريكية أنّ رئيسنا الأمريكي بادر بجمعنا على حفلة غداء، وأحضر «تورتات» شوكولاتة طريّة ولذيذة، وجلس على كرسي مربوط اليدين من الخلف، ثمّ قال: نَفِّسُوا عن أنفسكم واقذفوها في وجهي ليذهب غيظكم من أيّ معاملة قاسية قُمْتُ بها تجاهكم، فأحجم الجميع لا خوفاً منه لكن تقديراً لموقفه، لتكون المحصّلة صفاءً للنفوس، وتعاهداً على إزالة كلّ ما يُوتّر الأجواء، وحفظاً للحقوق، واجتهاداً مُضاعفاً في العمل، وإنصافاً في معالجة الشكاوى، وتفهّماً للظروف الشخصية، وعند القصور!.

وليس مطلوباً لدينا مبادرة كهذه، بل مبادرات أخرى من المسئولين لضبط تردّدات الموجات البشرية بين الرؤساء والمرؤوسين على بعضها البعض بالحقّ والعدل، لئلّا يروح موظّف لدوامه في الصباح قائلاً لأهله: أنا رايح الدوام.. يا قاتل يا مقتول!.

كفانا اللهُ الشرّ!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store