دعوني من فضلكم أشارك برأيٍ عمَلي عن المزايا والمُواصفات الشخصية السّلوكية المطلوبة في المدير «الناجح»، كما يؤكّده الواقع المُشاهَد، بعيدا عن المثالية والخيال.
من الضروري للمدير «الناجح» أن تتوفر فيه صفاتٌ معيّنة حتى يكون محبوباً لرؤسائه، قريبا من مِزاجهم، وليس من الضروري أبدا أن يكون بارعا في فنّ الإدارة أو حاصلا على أي مؤهلات فيها، فمواصفاتٌ ليس من ضمنها القوة والأمانة تمثّل أهميةً أكبر، كأن يكون شخصا مُسالما، لا يتحدّث كثيرا عن العمل ومُشكلاته، ولا يتذمّر من أنظمته وقوانينه، ليظهر طيبته وحبّه للمنشأة وحرصه على عدم انتقادها بأي شكلٍ من الأشكال، والأهم: أن «يسمع الكلام».
كما يجب عليه أن يكون شديد الملاحظة لمِزاج رؤسائه، فيميل معهم ويلفّ لفّهم ويستحسنَ آراءهم، ويتجنّب تفنيدها أو رفضها، بل يا حبذا لو صار من المُدافعين عنها المُنافحون عن أصحابها، ومن المهم له أن يتجنّب قدْر الإمكان الاختلاط مع بعض الموظفيـن «المُشاغِبين» حتى لا يظهر أنه من «جماعتهم» أو أنه يُقرهم على ما هم فيه من الغي والضلال الوظيفي.. والعياذ بالله.
وعند تبوّئِه منصب المدير، فمن مهامّه الحفاظ على «مُكتسباته» الإدارية، وتثبيت نفسه في الكرسي عن طريق تجاهل بعض المشكلات الإدارية، ثم تدوير المُعاملات في حلْقة مُفرغة، وعدم إزعاج رؤسائه بكثرة الطلبات والتغييرات التي يحتاجها العمل، ولا تعكير صفو تفكيرهم بمطالبات حقوق ومستحقّات موظّفيه، فضلاً عن التعتيم على بعض الموظفين النُّجباء أصحاب الكفاءات، ومحاولة تفادي أخطارهم، والتعامل معهم من برج عاجي، وتشجيعهم على الاستقالة، وفي الوقت نفسه، تقريب بعض الأفذاذ من المطبّلين أصحاب المنافع الشخصية بإغرائهم برضا المسؤولين عنهم، وتغطيتهم بعباءته، ويا حبذا لو استخدم أسلوب «الكذِب الأبيض» وإساءة استغلال بعض الآيات والأحاديث والكلام المعسول لبثّ هالة من الطيبة والقَبول حول شخصه الكريم.
شخصيةٌ بهذه المواصفات، لابد أن تكون ناجحة بالمعايير المطلوبة للإدارة في معظم المؤسسات، وإلا كيف يُمكن تفسير استمرارها في منصبها القيادي لسنوات طوالٍ عجاف دون تغيير ولا مُحاسبة؟!
أختم بقول يُـنسب للدكتور غازي القصيبي رحمه الله: «لا شيء يقتلُ الكفاءةَ الإدارية مثل تحوّل أصحاب «الشلّة» إلى زملاء عمل»!.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
