كردستان ما بين الفيدرالية والكونفدرالية..

لنعرّف أولاً الفيدرالية وهي حكم ذاتي كولاية أو إقليم أو مقاطعة لها برلمانها وحاكمها وقوانينها المستقلة تتبع للحكومة الفيدرالية على غرار الولايات المتحدة الأمريكية . أما الكونفدرالية فهي تمثل دولاً مستقلة ذات سيادة تمثل بعملة واحدة ، على سبيل المثال، (اليورو) ،وسياسة خارجية واحدة ،وجيش واحد (الناتو) ،واقتصاد واحد ،وبرلمان موحد ( البرلمان الأوروبي) مع إبقاء السيادة لكل دولة على أراضيها وقوانينها الداخلية على غرار الاتحاد الأوروبي.

إقليم كردستان العراق نشبهه بالضبط مثل كتالونيا في أسبانيا كل منهما ينزع للاستقلال عن الأم العراق أو الأم أسبانيا ، وأمس القريب برلمان كتالونيا صوَّت على الانفصال عن أسبانيا بسبعين صوتاً من أصل 135 صوتاً هو عدد أعضاء برلمان كتالونيا. التشابه الثاني ما بين الإقليمين هو أن كلاً منهما يتمتع بحكم ذاتي في العراق وأسبانيا. وجه الاختلاف بينهما هو أن إقليم أو مقاطعة كتالونيا تضم عرقيات عديدة منضوية تحت الفيدرالية الأسبانية ،وتحت التمثيل الأسباني في الاتحاد الأوروبي ،في حين كردستان العراق يضم عرقية واحدة لها الأغلبية وهي العرقية الكردية التي تحاربها جارتاها تركيا وإيران اللتان لا تريدان أن تكون هناك دولة كردية مستقلة تهدد أمنهما القومي . والتساؤل الذي يطرح نفسه هو هل سيبقى كردستان العراق تحت المظلة الفيدرالية (الاتحاد العراقي) أم أنه سوف ينزع إلى الاستقلال عن العراق ويصبح دولة كونفدرالية مثل محاولة كتالونيا للاستقلال عن أسبانيا المنضوية تحت مظلة الاتحاد الأوروبي ( المظلة الكونفدرالية) كدولة مستقلة ؟! .الأكراد مشكلتهم أنهم واقعون بين فكي كماشة بين دولتين مجاورتين لهم ،لهما حدود مشتركة معهم هما تركيا وإيران، وهاتان الدولتان سوف تُفشِلان أي استقلال عن العراق ،وسوف تبذلان المستحيل لتركيع هذا الإقليم ، الأمر الآخر الذي يصعّب مهمة استقلال الاقليم عن العراق هو أنه محاط بمثلث وليس بمربع لحدوده ،بعبارة أخرى أنه لو كان لدى الاقليم حدود مع دولة رابعة غير تركيا وإيران والعراق فإن هذا سوف يسهل عملية الاستقلال .وهنا تكمن المشكلة في الاستقلال ،فالحدود سوف تكون مغلقة في كل اتجاه وليس لها حتى ميناء بحري!. إذن الاستقلال والكونفدرالية مستبعدة بسبب حدود الإقليم مع تلك الدول والأقرب له في الوقت الراهن هي الفيدرالية تحت مظلة الاتحاد العراقي والفيدرالية العراقية شريطة أن تتخلص حكومة العراق الاتحادية من تدخلات إيران في العراق لإنجاح الفيدرالية .

دولة جنوب السودان استقلت عن السودان والآن تعيش حرباً أهلية. وتيمور الشرقية استقلت عن أندونيسيا والآن لديها مشاكل اقتصادية وتدنٍّ لدخل الفرد حيث تعاني كما تشير إليها التقارير من آثار حربها ضد إندونيسيا لنيل الاستقلال! نختم حديثنا بالقول إن عالمنا اليوم يعيش عصر التكتلات وليس عصر الانقسامات والانفصالات في ظل تقنية جعلت العالم قرية صغيرة.