Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م.سعيد الفرحة الغامدي

بريطانيا وجريمة وعد بلفور..!

A A
لماذا قررت بريطانيا في هذه المرحلة الاحتفال بوعد بلفور المشؤوم؟، هذا السؤال يحثنا على طرح سؤال آخر: لماذا لم يتصدَّ العرب لموقف بريطانيا من القضية الفلسطينية ،وكيف استطاعت التنصل من المسؤولية التاريخية من جريمة وعد بلفور بعد أن سلمت الملف بكامله للولايات المتحدة الأمريكية؟. بهذه الأسئلة أبدأ الحديث عن الاحتفال بمرور مائة عام على ذلك الوعد ،وكيف استمر دعمه حتى تأسست إسرائيل ونمت وأصبحت دولة نووية مارقة تمردت على كل القوانين الدولية وبقيت كآخر احتلال أجنبي في العالم مهيمنة في منطقة الشرق الأوسط.

كل الدول التي بنت مجدها وثرواتها بقوة السلاح على حساب دول أخرى ارتكبت أخطاءً في تاريخها وخاصة الدول الاستعمارية مثل بريطانيا وفرنسا. بريطانيا العظمى بقدر ما حققت من إنجازات كان أغلبها على حساب دول ومجتمعات أخرى إلا أن عبقرية المكر والخداع لديها طغت على عقلية المفكرين الإيجابيين في تاريخها. وقراءة التاريخ تفيد أن كل دولة كان من سوء حظها أن تقع تحت سيطرة الإمبراطورية البريطانية نالت ويلات العقاب حتى بعد إنزال العلم البريطاني وطي صفحة الاستعمار. المنطقة العربية كان نصيبها أسوأ من غيرها بداية بسايكس بيكو وتقسيم المنطقة إلى دويلات، والمصيبة الكبرى وعد بلفور الذي بموجبه دخلت الصهيونية العالمية إلى فلسطين، وشرّدت الفلسطينيين من أرضهم.وعندما نقول جريمة فإن وقائع التاريخ تؤكد ذلك لأنهم استخدموا كل الوسائل الإرهابية لترويع السكان وقتلهم وتدمير منازلهم وحصار من تبقى منهم في مستعمرات تتحكم فيهم كيف تشاء.

وآخر مشهد في مسرحية الجريمة الاحتفال الأخير بمرور مائة عام على ذلك الوعد المشؤوم،

فبدلاً من جعل المناسبة اعتذاراً للشعب الفلسطيني يتم تكريم الصهيونية العالمية

والافتخار بأن بريطانيا أسست إسرائيل، يا له من عار أخلاقي قبل كل شيء وغير مسبوق في تاريخ السياسة الإنجليزية التي عُرف عنها إجادة مكرالحيل الدبلوماسية في أحلك الحالات. إلا أنها في هذه المرة كشفت القناع عن وجهها الحقيقي بعد كل النكران والتنصل من ما كان يعنيه وعد بلفور من غدر وخيانة للعرب وللفلسطينيين على وجه الخصوص. ردود الفعل العربي لم تسمع بعد ولا أحد يتوقع إلا الصمت وبلع الألسنة وإلا كان من الواجب الرد بسرعة على العجوز التي في عشرة داوننق استريت التي تعاني من معضلة الانفصال عن أوروبا.

فلسطين وما حل بها جرح بليغ لثلاثة أجيال من العرب من بداية المأساة حتى اللحظة، والخشية أن يتم نسيانها على أيدي الجيل الرابع الذي تمزقه أحداث الربيع العربي والفوضى الخلاقة والإرهاب والطائفية ،وهذه مسميات تعني العكس صنعة للخديعة والتمويه وبلع العرب الطعم كما حصل مرات ومرات في سالف الأزمان ،وتعيد للذاكرة قصيدة الشاعر العراقي مظفر النواب التي مطلعها : من باع فلسطين وأثرى بالله.. ومنها .. القدس عروس عروبتكم فلماذا أدخلتم كل زناة الليل إلى حجرتها» ... إلخ.

إن تصرف حكومة بريطانيا في إحياء مئوية وعد بلفور لا يدل إلا على وقاحة سياسية بامتياز ولكنها أمنت العقاب ولهذا كشفت الستار عن أقبح أفعالها في القرن العشرين. إن هشاشة النظام العربي وانتشار الفوضى وعبث الإرهاب طمّع أعداء الأمة في الاستخفاف بها وجعل الأعداء يتصرفون بدون أي خوف من العقاب ..ولمن يستهين بما حدث نقول إنه يستهين بماذا تعني القدس للإسلام والمسلمين والعرب أولهم ولا أحد يُعفى من اللوم لما لحق بفلسطين على أيدي بريطانيا وعملائها في كل دهاليز السياسة العالمية.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store