Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالله الجميلي

حرب مفطحات.. ثم السجن!

ضمير متكلم

A A
* يقول أحد طلابنا الـدارسين في بريطانيا ،كنتُ ذات يوم مع (المشرف على رسالتي العلمية في الجامعة)،وعند حلول وقـت الاستراحة اقترحَ عَـلَـيّ مصاحبته لمنزله القريب لتناول بعض الطعام، وفي طريقنا تـوقعت أنْ أجِــد هناك أطباق (الـمُـحَـمّــر والـمُـشّـمّــر، كما يقول إخواننا المصريون)، فهذه أول مرة يتجرأ ويدعوني؛ ولكن كانت المفاجأة عـنـد وصولنا أنه فقط قـدّم لي (تفاحة وعُـلـبَـة من زَبَــادِي الفواكِـه)!!

* استغرابُ (طَـالِـبِـنَــا) نابع من الثقافة التي نشأ وعاش عليها، أما (أنا) فلم أعجب أبــداً من (تــصــرف ذلك الـرَّجُــل)؛ فزياراتي لأكثر من (30 بـلداً) كـشــفَـتْ لي أن (المجتمعات هناك أفراداً وأُسَــراً) تعيش وفق إمكاناتها بعيداً عن الـبــذخّ والمظاهــر الكَـذّابَـة!.

* وهذا عـكــس ما يحدث في (مجتمعنا)، فالفئات ذات الدخل المحدود أو المتوسط، والمُـكَـبّــلَـة بالـدّيون تهتم مثلاً في سُـكْـنَـاهَــا بالمجالس الكبيرة، وفي عاداتها بالولائم الباذخة؛ بل منها مَـن تتحمل المزيد من القروض لأغراض الـسّـفَـر السياحي، أو لِحفلات زواج أبنائها؛ حيث ليلة واحدة تلتهم منها أكثر من (100 ألف ريال)؛ فقط من أجــل إرضاء قِـلّـةٍ من الناس ستأتي لنصف ساعة لتأكل، ثـمّ لن تخلو تعليقاتها بعد ذلك من الانتقادات!!.

* وهناك مَـن أجل رغبة طفل أو مراهـق يَـسْـتَـدِيْـنُ ليمنحه سيارة فارهة أو هاتفاً محمولاً غالي الأثمان، إلى غير ذلك من الممارسات والسلوكيات؛ التي للأسف تحدث حتى مـن الأسَــر المتعلمة والمثقفة، فماذا تـركت لغيرها ؟!.

* نعم صــور (إسـرَاف مجتمعنا السعودي)، واهتمامه بالكماليات والـهــوامِش كثيرة ماضياً وحاضراً؛ يقوده لذلك الـهِـيَـاط والنّـفاق الاجتماعي حتى أن بعض مَـن في الخارج اعتقد امتلاك كُـلّ سعوديٍ لـ (بِـئْـر من النفط)؛ ولكن مَـا على الجميع أن يتنبه له أن الظروف المحيطة قد تـبَـدلت والمعطيات قــد اختلفت؛ وأن مَــن يمـدحـك ويُـصَـفِّـق لك إذا أَسْــرَفْـت اليوم ، لن يلتفِـتَ لك أبــداً إذا اِسْـتَـدَنْـت، ثم أُعْــسِــرْت فَـسُـجِــنْــت غـداً!!

* ولذا أعزائي قد حان وقت أن تتغير بعض عاداتنا، وأن نضبط ثقافة استهلاكـنـا، على أوتار الترشيد، وتقنين الـصَــرّف؛ وأن نبحث في مشترياتنا عن الـبـدائل الأرخص، وهي كثيرة في أسواقنا؛ فحينها فقط سنتخلى عن حَــرب الـمُـفَـطّـحَـات، وسننعم بالاطمئنان؛ وسندرك فَـضْـلَ وكَــرم مَـن يَـعــزم أُحَـدَنَـا على تفاحــة أو زَبَـادي مثل صاحبنا البريطاني!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store