Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد أحمد مشاط

ربما الوسط أجمل الحياة!

الكلمات فواصل

A A
تمتلك كل من الولايات المتحدة والصين وألمانيا مجتمعة نحو (٧٥,٦) تريليون دولار أمريكي أي نسبة (٢٧٪) من ثروة العالم، التي تبلغ (٢٨٠) تريليون دولار، وذلك حسب «تقرير الثروة العالمية»، الذي أصدره مؤخرًا بنك «كريدي سويس» المعروف.. ولكن الدهشة ليست هنا رغم هذا المبلغ الفلكي!

فالمدهش حقًا أن واحدًا في المئة (١٪) من أثرياء العالم، يملكون نصف ثروة العالم (٥٠٪) وهو ما يقدّر بنحو (١٤٠) تريليون دولار في عامنا الحالي ٢٠١٧م!

أما الذين هم أقل ثراءً من متوسطي الدخل فيمثلون (٧٠٪) من سكان العالم الذين في سن العمل، فيبلغ ما في أيديهم من الثروة العالمية ما نسبته (٢,٧٪) أي نحو (٧,٥٦) تريليون دولار.. معنى هذا أن (٧٠٪) من سكان الأرض لا يملكون إلا (٥,

٤٪) مما عند (١٪) من سكانها من الأثرياء.. ثم من بعد هؤلاء وهؤلاء يأتي الذين يعيشون في فقر مدقع أو على الكفاف.

من هذا يتضح للمرء مدى اتساع الفجوة بين الأكثر ثراءً وبين متوسطي الدخل والفقراء.. كما يبدو أن القاعدة الأساسية، التي لا شك فيها هي أن يكون حظّ الإنسان في وقوعه في منطقة الوسط بين الغنى الفاحش والفقر المدقع، ما يمثل الاعتدال برغم سعي الإنسان الدائم لكي يبلغ مستوى الذين من فوقه ماليًا، وليكون هروبه من الذين هم من تحته هاجسًا.

إذًا هذه الفئة من متوسطي الدخل هم القاعدة العالمية وأما غيرهم فهم الاستثناء؛ لأن الحياة في بيئة ومتطلبات طرفيها الأعلى والأدنى المتناقضين، تستعبد كل إنسان فيهما وتقسو عليه، بينما يتقلب الإنسان في الوسط بين أمور الحياة كلها، حلوها ومرّها، نجاحها وفشلها، تحفيزها وإحباطها.

قد يقول قائل: إن ما نقوله هنا هو عبارة عن نظرة فلسفية للغنى والفقر، ولكن الحقائق البشرية تثبت سعي الإنسان حثيثًا وغريزته الدائمة لامتلاك أكبر قدر من الثروة.. وقد يقال إننا نبسط الأمور، ونتجاهل الصراع الدائم بين الطبقات في غناها وفقرها، الذي طالما تسبب في مصائر الدول وأولوياتها، ولكن الحقائق لا تستتر.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store