Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
إبراهيم محمد باداود

صوت المطر

A A
منذ كارثة سيول جدة عام 2009م أصبح المطر - وللأسف - بالنسبة لسكان مدينة جدة مصدر قلق وتوجُّس وخوف وريبة، وهذا ما جعل إدارة التعليم في المنطقة تُبادر بتعليق الدراسة فور التأكد من وجود أخبار عن إمكان هطول أمطار غزيرة على المدينة، كما بادرت باقي الأجهزة الحكومية في المدينة بإعلان حالات الترقب وأخذ الحيطة والحذر والاستنفار لمواجهة الأمطار.

8 سنوات منذ وقوع كارثة السيول والتي حصدت أرواح الأبرياء وحطمت العديد من الممتلكات؛ حتى أصبحت المدينة تعيش مسلسلاً من الرعب عند اقتراب موسم الأمطار عاماً بعد عام، وقد كتبت منذ وقوع تلك الكارثة العديد من المقالات المختلفة عن سر هذا اللغز الذي لم يتمكن أحد حتى الآن من إيجاد الحلول العملية، أو معرفة السر الذي لا يجعل نهاية لهذه القضية عبر كل تلك السنوات، خصوصاً وأن الدولة والمسؤولين - لم يُقصِّروا - وأعلنوا أكثر من مرة رصد ميزانيات ضخمة لمشاريع تصريف مياه السيول والأمطار، غير أن كل ذلك لا يكاد يكون له أثر على أرض الواقع، فعندما يسقط المطر فلا صوت يعلو على صوت المطر.

مع صوت المطر تكاد لا تجد صوتاً آخر، فلا صوت لتلك المشاريع التي تم تحفير الطرق لها، ولا صوت لتلك الميزانيات الضخمة التي رُصدت، ولا تجد صوتاً للتصاريح الصحفية أو صوتاً للدراسات أو الأبحاث أو غيرها من الفعاليات التي صاحبت الإعلان عن تلك أو حتى أصوات بعض المسؤولين الذين كانوا موجودين وقت اعتماد تلك المشاريع، جميع تلك الأصوات اختفت ولا يوجد لها أثر ولم يبقَ سوى صوت المطر وأصوات دعوات المتضررين من آثاره.

في صوت سقوط الأمطار فوائد متعددة، فهو الصوت الذي يكشف الأسرار، ومن خلاله تسقط الأقنعة، وهو الصوت الذي يزيل كل الأصباغ الوهمية الملونة ويظهر الصورة الحقيقية، وهو الصوت الذي يُقدِّم الحلول للألغاز التي لم نستطع حلها وفي مقدمتها لغز مشروع تصريف مياه السيول والأمطار، وهو الصوت الذي يكشف الفاسدين ويظهر حقيقة المتلونين ويفضح المتسترين على مشاريع الوهم والفساد.

لا صوت يعلو على صوت سقوط الأمطار؛ لأنه صوت من السماء إلى الأرض يسقط عليها فيظهر الحق والباطل، ويميز بين الخير والشر، ويكشف صدق الوعود وزيف الأدلة، وبالأمس سمعنا صوت سقوط المطرعلى جدة، وقد أكد ذلك الصوت بأنه لا جديد، فجدة تغرق من جديد.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store