Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

حليمة مُظفر: لولا الصحافة ما دخلت سجن النساء

No Image

أنا وفاطمة إلياس أنهينا عهد العزلة وخرجنا من «الصندقة»لم أرضخ للإرهاب وزرتُ الجوف رغم التهديداتاختلفت مع رئيس التحرير حجة لأتوقف عن الكتابةغادرت أدبي جدة لأني لا أجيد دور المتفرجة

A A
البحث عن حجة

* لأي سبب انقطعت عن كتابة المقالات.. توقف أم إيقاف؟

لا أبدًا؛ لم يتم إيقافي؛ وإنما اختلفت مع رئيس التحرير حول الزاوية، وربما كنت أبحث عن حجة لأتوقف، وأهتم بمرافقة والدي الحبيب ـ رحمه الله ـ خلال مرضه والتفرغ لمتابعته طبيًّا بظل التزامي الوظيفي؛ إذ لم يكن لدي وقت للكتابة؛ وقد طال مرضه رحمه الله لأكثر من ثلاث سنوات، فكان سر غيابي عن الكتابة هذه الفترة.

مدرسة إنسانية

* بدايتك كانت مع الصحافة.. فماذا أضافت لكِ؟

الكثير جدًا؛ إنها مصدر ثراء ثقافي وإنساني لي؛ فالعمل في بلاط صاحبة الجلالة لسنوات بدأته من محررة وصولًا إلى مسؤولة تحرير، هو بمثابة مدرسة إنسانية علمتني ما لم أتعلمه من الجامعة ذاتها؛ قربتني من هموم الناس وصقلت تجربتي في الشأن الثقافي، ومكنتني من دخول أماكن لم أكن أدخلها لولا هذه المهنة، كسجن النساء؛ فقد نشرت تحقيقًا متكاملًا عن السجينات، هنا في ملحق «الأربعاء» بجريدة المدينة منذ سنوات؛ ومكنتني أيضًا من دخول مدائن صالح مع فريق علمي؛ للكتابة عن هذه الآثار العظيمة التي ظلّت معطلة؛ بسبب الجهل والتطرف، رغم أهمية استثمارها كمصدر دخل وطني وحضارة إنسانية نفخر بها؛ لقد منحتني الصحافة الشغف الذي أتزود منه كل يوم لألاحق الأسئلة وأستمر في التعلم، ونقل ذلك عبر مقالة أو كتاب.

تجربة مشرفة

* بعد سنوات في المجال الأكاديمي اتجهت لوزارة الثقافة والإعلام.. فما أسباب هذا التحول؟

صحيح؛ وبالمناسبة كنتُ أول موظفة رسمية في وكالة الثقافة بعد تأسيسها وضمها لوزارة الإعلام، لقد نقلت خدماتي الوظيفية من الكلية الجامعية التابعة لجامعة أم القرى كمحاضر للأدب والنقد، إلى وكالة الثقافة بوزارة الثقافة والإعلام، وتشرفتُ بالعمل مع الدكتور عبدالعزيز السبيل، أول وكيل وزارة للشؤون الثقافية، وأصدقك القول: كثيرون حينها حذروني من هذه الخطوة والتضحية بالعمل الأكاديمي، لكني سعيدة أني اتخذتُ هذا القرار، وأتمنى ألا أندم يومًا، وشجعني أني طوال عملي الأكاديمي والصحفي كنتُ شغوفة بالشأن الثقافي وأطيافه، وفكرتُ حينها أن عملي سيؤسس لحضور المرأة الثقافي بشكل رسمي؛ وحين تولى الدكتور ناصر الحجيلان الإشراف على وكالة الثقافة، عمل بجهد على تطوير العمل في الوكالة، ومكن من حضور المرأة، ولله الحمد، وعملي الحالي هو مُشرف ثقافي بالشؤون الثقافية، وكم كنتُ فخورة أنه تم اختياري لأتشرف بالعمل مع الوفد الإعلامي الذي رافق الرحلة الأولى لسيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، إلى واشنطن بعد توليه الحكم؛ ثم العمل من جديد مع الوفد الإعلامي المرافق له حفظه الله، إلى رحلة تركيا ومصر؛ وشرفني اختياري أيضًا بالعمل في فريق عمل الوفد الإعلامي المرافق لولي العهد، صاحب السمو الملكي، الأمير محمد بن سلمان في رحلته إلى الصين واليابان؛ ولا شك أن ثقة المسؤولين فيما أقدمه من عمل هو مصدر فخر لي.

دور مهم

* برأيك.. هل سيكون للثقافة وآدابها وفنونها دور مساهم في رؤية 2030 الوطنية؟

بالطبع للثقافة دور مهم جدًّا؛ نحن اليوم وفق رؤية ولي العهد صاحب السمو الملكي، الأمير محمد بن سلمان 2030، نتوجه إلى تعدد مصادر الدخل والاستثمار في الجانب التكنولوجي العلمي وطموحنا بلا حدود، حيث مدينة «نيوم»؛ فهو الاستثمار المستقبلي الذي ستتنافس فيه المجتمعات؛ لكن بذات الوقت لا تقل الثقافة عن الاستثمار أهمية، ونحن نحظى بمخزون ثقافي تاريخي أدبي عظيم؛ وقد تدر أرباحًا مادية ومعنوية كبيرة، لو تم التعامل معها كمصدر دخل وطني، مثلها مثل النفط؛ وهناك العديد من الدول التي تنهض في دخلها القومي على السياحة الثقافية، وهناك الكثير من الأفكار التي من الممكن استثمارها ضمن رؤية 2030، إذا ما أخذت الثقافة بجدية كاملة، دون اعتبارها مجرد ديكور مجتمعي بهدف الدعاية؛ أو الاعتقاد بأنها رفاهية أو ترفيه؛ فما وصل لنا من الحضارات القديمة الإغريقية والهندية والصينية، هو نتاجها الأدبي والثقافي كدليل يؤكد تأثيرها الإنساني.

طرح جريء

* كان لك السبق في تقديم رسالة الماجستير عن المسرح والدراما، على المستوى السعودي، فما مدى تقبل المجتمع لذلك؟

أشعر بسعادة كبيرة بما يحصل عليه المسرح والفنون بشكل عام من اهتمام رسمي حكومي، وما زال يحتاج الكثير؛ ليخرج من فوضى الاجتهادات والهواة والسمة التجارية التي تجعله سطحيًّا، فيعطي ردة ربحية عكسية؛ وفيما يتعلق بدراستي له، فلا أكذب عليك كان تحديًا كبيرًا بالنسبة لفتاة قررت تناول المسرح بوقت، لم يكن يؤمن به أحد، ولا يتم تناوله على المستوى الأكاديمي؛ وكان أكثر من يقابلني ويعرف أني أتناوله بدراستي في الماجستير يسخر مني، ويقول: هل لدينا مسرح؟! فأجيب: «لدينا وسيكون أفضل» هذا ما فعلته، فكانت رسالتي أول رسالة تُناقش المسرح السعودي، ونظرية الدراما على مستوى الجامعات السعودية، وكم شعرت بسعادة؛ لأن عددًا من أساتذة الأدب يُدرسون كتابي عن المسرح السعودي لطلابهم الجامعيين، ناهيك عن اعتماد الدارسين لمرحلة الماجستير والدكتوراه عليه، وهذا من فضل الله تعالى.

قطع العلاقة

* قضيتِ سنوات في أروقة نادي جدة الأدبي.. فبم خرجت؟

خرجتُ بالكثير من التجربة الثقافية الإنسانية، ولا أعتبر نفسي عضوة عملت في النادي فترة ما قبل الانتخابات؛ بل أعتبر نفسي ابنة نادي جدة الأدبي الثقافي، منذ كان يترأسه أستاذنا عبدالفتاح أبومدين ـ مدَّ الله في عمره ـ وقد كان سببًا رئيسًا حينها أن أستمر في النادي؛ نتيجة تشجيعه لنا، واستمرت علاقتي وتطورت بالنادي حتى تسلم الرئاسة الدكتور عبدالمحسن القحطاني، وتم اختياري عضوة ونائبة لرئيسة اللجنة النسائية، هذه اللجنة التي مهدت لدخول المرأة، كعضوة في مجلس الإدارة، خلال تجربة الانتخابات؛ ولكن للأسف أنهيت عضويتي قبل السنتين تقريبًا من النادي؛ لأنه أصبح بعيدًا عن رسالته الحقيقية، وتحول أعضاء الجمعية العمومية؛ لمجرد متفرجين بظل استئثار مجلس الإدارة بكل شيء؛ وأنا لا أحب أن أكون متفرجة؛ فالانتخابات للأسف؛ نتيجة ضعف اللائحة مكنت من ليس له علاقة بالأدب أن يأخذ أماكن الأدباء في بيتهم.

ردة ثقافية

* وما سبب ابتعادك عن الصالون النسائي بأدبي جدة؟

مبتعدة فعلًا، لكني أحترم القائمات عليه، واختلاف الرأي لا يفسد للود قضية، إلا أني أختلف مع نهج ومبدأ وجود صالون نسائي في نادي ثقافي؛ فثقافة الصوالين ليس محلها مؤسسات ثقافية عامة بل المنازل، وهذا الصالون كان مكانه منزل إحدى السيدات، وتم نقله إلى النادي الأدبي؛ أي توفير في المصروفات الخاصة؛ كما أن إقامة نشاط ثقافي نسائي في مؤسسة ثقافية عامة، أعتبره تأخرًا وردة للوراء؛ فما المانع من أن يشارك الرجل المثقف هذه الفعاليات، ولو كان مستمعًا ومحاورًا!؟ إلا إذا كان ما يطرح في ذلك الصالون هشًّا، ويخشى النقد!! ثم ما الفائدة أن نساء يستمعن لنساء يعرفن مقدمًا ما سيتم طرحه، ومن ستستضاف فيه! والحقيقة لا يُدرك تأخر هذه الخطوة إلا من عرف معاناة البدايات في حضور المرأة بالنادي، منذ كانت الصالة النسائية صندقة متواضعة معزولة خلف النادي نعاني داخلها رداءة الميكروفون؛ نتيجة الفصل، وحين تكونت اللجنة النسائية عملت رئيسة اللجنة الدكتورة فاطمة إلياس، وأنا معها على إنهاء هذه المرحلة من العزل، ودخلنا القاعة لأول مرة كمثقفات مشاركات لزملائهن؛ وكانت تلك الفترة صعبة، فقط لأجل تعزيز حضور صوت المثقفة، ويتم تحقيق التبادل والتكامل الثقافي بكل احترام؛ وبعد كل ذلك، نتفاجأ بتأسيس صالون نسائي ثقافي يعيد المرأة لعزلتها الثقافية، ويعتمد على المجاملات!.

موقف شجاع

* خصومك في ازدياد على «تويتر».. فكيف تواجهينهم؟

أشعر بتحسن كبير في الوعي، خلال السنتين الأخيرتين ولله الحمد، أما الهجمات الشرسة؛ فهي أمر طبيعي كوني، ومنذ سنوات واضحة في الرؤية التي أتحدث وأعبر عنها في مقالاتي وأفكاري ضد الإخوان المسلمين والإرهاب والمتطرفين؛ وموقفي معروف للجميع، وهذا الأمر حين يأتي من امرأة في مجتمع ذكوري، يعتبر أمرًا مزعجًا جدًّا لهذه الفئات المتطرفة، فقد تعودوا على رضوخ وخوف المرأة؛ وهو ما جعلهم يحاولون إخافتي حين أحرقوا نادي الجوف الأدبي عام 2009، ومع ذلك تفاجؤوا أني لم أرضخ للإرهاب، وأني زرتُ الجوف رغم التهديدات، وأني استمررت في الكتابة بذات الموقف، وأقمتُ أمسيتي حينها مع زملائي، دون خوف، ولله الحمد، ومثل ذلك لم يتعودوه من امرأة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store