Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
سمر الحيسوني

القضاء على العنصرية

A A
نهى ديننا الإسلامي الحنيف في أكثر من موضع عن العنصرية بشتى أشكالها؛ حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «دعوها فإنها منتنة»، وبالرغم من أننا في القرن الحادي والعشرين إلا أنّ العنصرية ما زالت تجتاح مجتمعاتنا، بل وغدا هناك من يشجعها ويدعو الناس للسير على نهجها!. وللعمل على بترها والحد منها علينا أن نكون على قدرٍ عالٍ من المسؤولية والشفافية والموضوعية؛ لكونها من الأمور الحساسة التي تتعلق بعادات تُمارس منذ الأزل في مجتمعنا.

تُحارب الدولة أي تصرف يصدر من الأفراد ويؤثر على لُحمتها الوطنية أو يُهدف منه زرع الأحقاد بين أبناء الوطن، فبلادنا تجمع العديد من الثقافات والاختلافات الاجتماعية نظراً لمساحتها الواسعة وتنوّع أراضيها من منطقة لأخرى. فكل منطقة تتميّز بعادات وتقاليد مختلفة تُربي عليها أبناءها ولها تُراثها الذي تفتخر وتتباهى به، والتي تُعتبر بمختلف أطيافها جزءًا أساسًا من الصورة الكاملة للبلاد.

غير أنّه مع الأسف هناك بعض العادات غير المحمودة والتي تتفشى بطبقة غير قليلة في المجتمع تدفع المرء بأن يُكَوِّن صورة مسبقة عن غيره، مرتبطة بأنّ احترام الآخرين والتعامل معهم يكون وفقاً لجذورهم الثقافية ومرجعياتهم ومعتقداتهم الفكرية أو نسبهم القبلي والعرقي، فلا يُوضع أي اعتبار لقيمة الإنسان المجرّدة! وأنّ من أبسط حقوقه أن يُحترم فكره ورأيه وشخصيته التي ترسم ملامح ما بداخله، والتي جميعها تعكس فكرة واضحة عنه يُقرر على أساسها ما إن كان هذا الشخص جديراً بالاحترام من عدمه! فقد أعد البعض قائمة تتضمن مسميات وأوصافاً مطوّلة يتم فرز الأفراد على حسب كل فئة من الفئات التي تتماشى من منظورهم الشخصي ومعتقداتهم مع التصنيف المعّد من قِبَلهم!

كالليبرالي أو العلماني أو القبيلي أو الحضري وغيرها من النعوت الأخرى التي لا تتماشى مطلقاً مع ما حثنا عليه ديننا!

الوطنية تعني المساواة بين أبناء الوطن، فالوطن للجميع. ولطالما انتقدت القيادة المصطلحات والتصنيفات والتقسيمات والتمييز بين طبقات المجتمع، فلا أحد يزيد بولائه ووطنيته عن الآخر بنسبه أو شرف أصوله. فأحوج ما نحن إليه اليوم التكاتف يداً بيد مع الدولة كشعب واحد بدون عنصرية ولا محاباة ولا شعارات تتسبب بالتفرقة وبث روح الكراهية بين أبناء الوطن الواحد! فجميعنا يعيش على هذه الأرض منذ عشرات السنين بدون تفرقة عرقية أو اجتماعية أو اقتصادية أو ثقافية، بغض النظر عن أصوله أو خلفيته التي ولد عليها بدون اختيار منه.

أتمنى أن يُجرّم ويعاقب بشدّة من ينظر للآخرين بنظرة دونية أو يتعامل معهم على أساس النعرة القبلية التي يدّعي البعض انتماءهم لعروق وأصول مميزة عن غيرهم من البشر. فاليوم أصبح لا يوجد مسافة حضارية بين فئات المجتمع، اختلف الزمان عمّا كان عليه فيما مضى، فالله سبحانه جلّ وعلا لم يُميّز عند خَلقِه لخلقه.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store