Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد الثبيتي

النجوم الهُلاميِّون

A A
عجَّت وسائل التواصل الاجتماعي بالكثير من الممارسات الشاذة لبعض أفراد المُجتمع، الذين جعلوا من سلوكيات صغار السن غير المُنضبطة في التفاعل مع الأحداث نماذج تُحتذى وأسماء يُروَّج لها الأمر الذي امتطى معه هولاء الصغار صهوة الشهرة، مُعتقدين أنهم بالفعل نجوم يُشار إليهم بالبنان، ومارسوا أدوارًا لا تتفق مع عمرهم الزمني ولا نُضجهم العقلي، بل أُوهموا بالشهرة فصدقوا فقاعة الصابون، التي ستتلاشى مع أول نسمة هواء لتُصبح كأن لم تكن ولم يكونوا، وما زاد الطين بلَّة هو استعانة أصحاب الأسواق التجارية والمطاعم والمقاهي بهؤلاء النجوم الهلاميين في الترويج لمحالهم ومُنتجاتهم مما شرعن لأولئك أحقيِّة الظهور الإعلامي المُزيِّف.

لقد عرَّت ممارسات «عيوشه ويه ويه» وأغنية «الصامولي» ومحادثات «أبو سن» -على سبيل المثال لا الحصر- سطحية المُتابعين لهم وانحدار الوعي الجمعي على اعتبار أنهم جزءٌ لا يُستهان به من فئة الشباب، الذين تُعقد عليهم الآمال بعد الله لقيادة مُجتمعهم في المُستقبل إلى آفاق أرحب ودعم قدرته على التأثير في الآخر بمُنجزات فعلية تفرض احترامه وتجعل له مكانة ضمن منظومة المُجتمعات المُتحضرة- فكرًا وسلوكًا- ولا يتوقف دور أبنائه على مهاترات افتراضية لا تُغني ولا تُسمن من جوع يتقافز فيها الرُّعاع بمُصطلحات تخدش الحياء ولا تتفق مع السُّلم القيمي للمجتمع، بل وتُعزز الصورة الذهنية عنه والمتمثلة في أنه استهلاكي غير مُنتج سوى للسخافات التي انبرى لها المُغرر بهم من الموهومين بالنجومية والتشجيع المُنقطع النظير من الأتباع ومُحبي الكسب المادي ولو على حساب القيم.

ويتبقى الدور الأهم هو معالجة هذه التفاهات التي جعلت من مُجتمعنا أضحوكة ومن استخدامنا لوسائل التواصل الاجتماعي السلبية لا أكثر، وذلك من خلال تشخيص المُشكلة بشكل علمي عن طريق الباحثين الجادين أو مراكز البحث العلمي المُتخصصة في دراسة مثل هذه الظواهر النفسية لمعرفة الدوافع والوقوف على المُسببات، التي أوصلت «النكرة» لمجد الشهرة وأصبح متابعيه بالملايين، واغمطت «المعرفة» حقه المشروع في إبراز مُنجزه أو ابتكاره العلمي، بل جعلته نسيًا منسيًا ولم يجد حتى من يقول له «شكرًا».

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store