Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عاصم حمدان

متى يعي الفلسطينيون الدرس؟!

رؤية فكرية

A A
في أوّل الثمانينيات الميلادية اشترطت إدارة رونالد ريغان Ronald Reagan الجمهورية لفتح أي حوار مع الفلسطينيين نبذهم للإرهاب، وكانت مسز مارغريت تاتشر Margaret Thatcher رئيسة الوزراء البريطانية متناغمة إلى حدّ بعيد مع أفكار رونالد ريغان وخصوصًا أنهما يشتركان في الرؤية الدينية للأراضي المقدسة، وعند زيارة تاتشر لإسرائيل في منتصف الثمانينيات الميلادية، قامت بزيارة للبلد العربي الأردن، واقترح عليها أن تدعو شخصيات فلسطينية معتدلة في سبيل الاعتراف بالحقوق الفلسطينية ولو في حدّها الأدنى، وعند عودتها نكثت بالعهد، فقد جاء لبريطانيا بدعوة رسمية عضوان من المجلس الوطني الفلسطيني وهما إلياس فريج، ومحمّد ملحم، وكان آنذاك السير جيفري هاو Jeffery Hau وزيرًا للخارجية البريطانية، فاشترطت الخارجية البريطانية لاستقبال هذين الشخصين بعد دعوتهما لزيارة بريطانيا بأن ينبذا الإرهاب، بمعنى أو آخر عدم اعتراف الغرب بالمقاومة المشروعة للشعب الفلسطيني، وثارت ضجة في الصحافة البريطانية. وكان وزير خارجية الظل دينيس هيلي Denis Healey متعاطفًا لحدّ بعيد مع المطالب الفلسطينية، ولكن اللوبي اليهودي داخل الـ (دوان ستريت / Down Street) وخارجه كان أقوى أثرًا وتأثيرًا، وظل الاعتراف الأمريكي والبريطاني بالحقوق الفلسطينية محجوبًا حتى معاهدة أوسلو Oslo Accord، التي أعطت اليهود ما يريدون، وتركت الفلسطينيين في الشتات.
واليوم يعود اليمين المتشدّد والمعتنق للأفكار الدينية التلمودية للواجهة، وبناء عليه فتح موضوع نقل السفارة الأمريكية إلى القدس الشريف، في إشارة واضحة لتوجه السلطة الأمريكية نحو نسف عملية السلام من جذورها، والاعتراف بالقدس عاصمة أبدية لإسرائيل، ومن المؤسف أن يأتي هذا الموضوع في ظل انشغال العرب بقضاياهم الخاصة، وخلافاتهم المستمرة، إضافة إلى الخلاف المزمن بين الفصائل الفلسطينية، وفي مقدمتها حماس وفتح. وقد خاطب المغفور له خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في الاجتماع الذي عقد في مكة المكرمة وجمع الفصائل الفلسطينية كلها، حاثًا إياهم وقائلاً لهم: إن لم تحلوا خلافاتكم بأيديكم فلن يحلها لكم أحد.. وللأسف الشديد أن الفلسطينيين لم يتعلموا الدرس من أدبيات اليهود، فالكيان الصهيوني يضم أحزابًا من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، وتشكل هذه التيارات حكومات تلتقي عند الحدّ الأدنى من المطالب الشعبية، ولا ننسى أن مناحيم بيغن Menachem Begin رئيس وزراء إسرائيل الإرهابي، عندما شكّل أوّل حكومة ليكود بعد حرب أكتوبر، عيّن موشى ديان Moshe Dayan العمالي وزيرًا للدفاع، وفي ذلك من العبرة والدرس الذي غاب عن الفلسطينيين، ويبدو أنه سيغيب عنهم لفترة طويلة.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store