Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريـف قـنديـل

رسالة لحفيدي زين: القدس عاصمة فلسطين!

إضاءة

A A
عفوًا إن أصبحت جدًّا في زمنٍ حزين.. الزمن الذي اعترف فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل وليس لفلسطين.

عذرًا يا «زين»، هكذا أسميتك.. فلا تُحبَط ولا تَقْنَط ولا تبتئس ولا تيأس ممن ساس أو سيس! ممن رضي من آبائك أو أجدادك العرب والمسلمين بما حدث ويحدث.

أعرف يا بني أنه قضاء.. وأنها أيام وينفضّ العزاء.. لكني أوقن الآن -أكثر من أي وقت مضى- أنها لن تكون في زمنك المقبل سرًّا أو مدعاة للهمس في المكاتب وفي المطارات وفي البيوت.. فالقدس حمامة عربية بيضاء.. أزيح عنها العنكبوت.. أسمعها تقول في سرادق العزاء: شكر الله سعيكم.. ولكن بيننا حساب!

واعلم بني أنني لم أبع ولم أشارك في بيعها.. لم أخن حتى لا تقول يومًا، إنني خنتها.. أموت كل يوم مرتين.. إن نسيتها.

أعرف أنها قد تقول لك بنبرةٍ ملتاعة: أموت في اقتراني باسمهم كل ساعة.. لكنني أكاد أسمعها تهمس الآن في أُذنك من داخل الأقصى بالأذان.. أسمعها تقول في يقين وفي ضراعة: صبرًا فإن النصر ساعة.

أكذب يا زين عليك إن قلت: كانت في قلمي طوال الوقت.. اسمع مني: الحق يقال.. لسنين طوال.. قد تهت عنها.. لكنها يومًا ما تاهت عني.

المهم في كل الأحوال ألا تستمع لمن يقولون لك: إنها «انتهت»، وإن نورها العربي قد «بهت».. لا تلتفت لمن يقولون لك: إن عودتها محض حلم.. قل لهم أبدًا لم تمت.

يعلم الله يا زين! أنني حاولت طوال السنين أن أكون دائم التذكير والتحذير حد النفير.. حتى لا تكون القدس في خبر كان.. وحتى لا تكون غابة من الدموع، ودربًا من الأوهام.

كنت طوال الوقت أكشف مَن يُثرثرون عن حتمية التسليم.. يكتبونها تارةً في الصحف وأخرى في الكتب.. ينكرون مبنى الأقصى، ويسبّون صلاح الدين.. كنت أُدرك أنها طوال هذه السنين تكاد تنتحب.

والآن يا زين اطمئن! سيظل وجه الأقصى يشتاق لكم ويُناديكم في العلن.. فارسمه على جدران منزلنا القديم.. وارسم القدس كلها بألوان الحنين.

ارسم وجهًا للإرهاب في إسرائيل، ووزّعه على أقرانك وأنت تقول: تبًّا.. بل بُعدًا يا هذا الغول! فإن سألوك فقل لهم: جدي كان يقول.

اصنع قاربًا عربيًّا وراء قارب من الورق.. وكلما رأيت واحدًا منها بفعل الموج ينزلق.. لا تقل مثلنا: سيّان عندنا.. إن عام أو غرق!

اكتب عندك يا زين: القدس وحيدة الوحائد.. وجوهر اللغات.. وومضة الجمال في الصور وفي الجرائد.

والمهم يا بني أن تنتبه.. لمن يلعبون بالألفاظ وبالمصطلحات وبالمفردات.. ومن يأخذون جيلك كله إلي الشاردات.. وأن الحياة -كما يقولون- «خذ وهما.. وهات».

أي بني! اعلم أن جدّك ظل طوال حياته يدعو للقدس قبل صياح الديكة.. فكن مثله.. لا تشغلنك عنها أي حركة.. أو صفقة وهم، أو أي صيغة مرتبكة.

والآن يا زين! لا تثق بالهيئات وبالمجالس وبالرباعيات وبالجولات وباللجان.. كن يقظًا للقاضي.. قد يتحول إلى سجَّان.. لا تستمع ولا تصاحب من رضي بالذل أو خان.. ولا تعطهم شيئًا بالمجان.

أي بني اسمعها من جدّك وهو حي: انتبه لمن يُحدِّدون بوصلتهم، بل قبلتهم، حسب «المسائل»! انتبه لمَن يُحدِّدون السنن والنوافل.. حسب تسيير الأمور والقوافل!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store