Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
سالم بن أحمد سحاب

المسنون: العزلة أشد وأنكى!

ملح وسكر

A A
مشكلات المسنين كثيرة لا تكاد تنتهي. وهي تبدأ بالمشكلات الصحية بدءًا بالأمراض المزمنة المعتادة مثل السكري والضغط وآلام المفاصل والركب، وانتهاءً بأزمات القلب وضعف الحركة وغيرها. ومن المشكلات أحيانًا قلة الموارد المالية التي لا تكاد تكفي لسد الحاجة، فضلا عن سداد فواتير المستشفيات، وربما إيجار المسكن ورسوم الخدمات.

وتزداد المشكلات سوءًا وتعقيدًا عندما يجد المسن نفسه في مأوى للمسنين مرغمًا مكرهًا، لأن لا أحد يريد الاعتناء به أو تحمل (إزعاجه)، وربما اعتاد بعضهم واستأنس بالبيئة الجديدة لأنها أقل تكلفة وأكثر أنسًا من البيت الذي كان يؤويه وحيدًا منعزلًا في ركن قصي من المنزل يُلقى إليه الطعام، ولا يجد من يؤنسه إلاّ نادرًا أو قليلًا.

ولذا تُعد العزلة من أشد ما يُصيب المسن من أذى معنوي، ينعكس مباشرةً على حياته، فتزداد مخاوفه من الموت وحيدًا لا أحد يعلم عنه إلاّ بعد حين، وبعد أن تفوح الرائحة الكريهة من الجسد الحزين!

وفي تحقيق أجرته صحيفة نيويورك تايمز الشهيرة (30 نوفمبر) عن حال طيف واسع من المسنين في اليابان، يُصاب القارئ بالحزن الشديد لما آلت إليه حال هؤلاء ذكورًا وإناثًا. هم يسكنون في مجمع ضخم مصمم لهم، يدفعون له مقابلا ماليًا زهيدًا مقارنة بغيره، وما في اليابان شيء زهيد.

المشكلة الأسوأ أنهم يعيشون فرادى معزولين، لا يكادون يلتقون، فضلا عن أن يتعارفوا، لدرجة أن أحدهم قد مات في شقته الصغيرة جدًا والنائية في طرف قصي، ولم يُكتشف أمر موته إلاّ بعد مرور 3 سنوات، فقد أكلت القوارض جثته وتجاهل الآخرون رائحة جسده، ولو لم تتنبَّه إحدى الإدارات الحكومية عن تخلُّفه الطويل عن سداد شيء من الرسوم المتوجبة عليه، لظل هناك حتى يوم يُبعثون!

وبناء على ذلك، سارعت السيدة إيتو (البالغة من العمر 83 عاما) إلى إشعار سيدة أخرى تعيش في مبنى مقابل بأنها اعتادت فتح ستارة نافذتها صباح كل يوم، فإن هي لم تفعل ذات يوم، فإن من المحتم أنها قد قضت نحبها.

لا تعزلوهم فتحرموهم!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store