Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
سمر الحيسوني

التحكيم.. حتى نُخفِّفَ العبء عن القضاء

A A
التحكيم هو إحدى الوسائل البديلة عن القضاء لحل المنازعات التجارية، فهو نظام شبه قضائي يلجأ إليه الخصوم بناءً على اتفاق مسبق بينهما قبل حدوث النزاع عن طريق بند يُضاف من ضمن بنود العقد الأصلي المبرم ينص على أنّه في حالة حدوث نزاع يتم الفصل فيه عن طريق التحكيم، أو من خلال تحرير وثيقة مستقلة عن العقد الأصلي يُطلق عليها مسمى «مشارطة التحكيم»، يتفق من خلالها على إجراءات التحكيم بين الطرفين، وذلك بعد وقوع النزاع بينهما.

فالتحكيم علاقة قانونية عقدية يتم الفصل من خلالها بين المتنازعين بالعدل، عن طريق أشخاص من ذوي الخبرة والكفاءة يتم اختيارهم من قِبَل الخصوم للبت في النزاع القائم. فللتحكيم دور كبير في الفصل في الخصومة بين المتنازعين، ويتميّز بتخفيف العبء عن القضاء ورفع المشقة والانتظار لمدة طويلة للنظر في القضايا أمام المحاكم المختصة. فمن أهم مميزاته سرعة الفصل في النزاع وإنهاء الخصومة والسرية، فعقد جلساته لا تكون علنية، كما هو الحال في القضاء العام، إلى جانب المرونة في توقيت انعقاد الجلسات ومكانها، وغيرها من التسهيلات التي لا تتوفر في القضاء العادي.

على الرغم مما يتميّز به التحكيم من مواصفات وخصائص إلا أنّ مفهومه حتى وقتنا الحالي ما زال غير منتشر مجتمعيًّا، خاصةً في المنازعات القائمة بين المستثمرين والتجار، إضافة إلى عدم إدراك البعض لأهميته وما له من إيجابيات، وبأنّ الحكم الصادر عنه يُعدّ حكمًا نهائيًّا ملزمًا نافذًا صادرًا عن أشخاص مختصين ومهنيين ممن يملكون المعرفة الكافية لتولي التحكيم؛ بناءً على معايير أساسية لاختيارهم كمحكمين. كما نجد أنّ هنالك عددًا من العقود الكبيرة المبرمة لا تتضمن بند التحكيم في حال نشوب نزاع بين المتعاقدين.

لذلك، لم يُفعّل دور التحكيم بالشكل المطلوب في مجتمعاتنا؛ نظرًا لعدم قناعة الكثيرين به كوسيلةٍ بديلة أسرع لفض المنازعات، وخصوصًا في القضايا المعقدة التي تحتاج إلى خبراء مطلعين بموضوع النزاع، من الناحية القانونية والعملية؛ بسبب أنّ بعض القضايا يكون عامل الزمن فيها مهمًّا، وقد يترتب على تأخير الفصل في القضية خسائر تُقدّر بمبالغ طائلة لكلا الطرفين المتنازعين.

المزايا التي يتمتع بها التحكيم تجعل منه وسيلةً أمثل لفض الخصومات القائمة بين الأطراف المتعاقدين، خاصةً في الوقت الحاضر الذي نتجه فيه لمحاولة جذب أكبر الشركات العالمية للاستثمار في بلادنا؛ للعمل على تعدد مصادر الدخل. لذلك، أتمنى أن يتم التوعية بمفهوم التحكيم أكثر، وتوضيح مدى أهميته وانعكاساته على المجتمع. كما أتمنى أن تتوفر في كل مناطق المملكة مراكز تحكيم تزاول نشاطها تحت إشراف وزارة العدل. إضافة إلى زيادة عدد الدورات التدريبية الخاصة بالتحكيم، لاستثمار طاقات الخبراء والمهتمين، وذلك لإعداد وتأهيل محكمين على قدرٍ عالٍ من الكفاءة، وتدريبهم على مفهوم وجوهر التحكيم وطبيعته وأنواعه، والتوّسع في الفكر القانوني التحكيمي في سبيل تطوير المجتمع ورفع العبء عن القضاء العادي.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store