Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عبدالرحمن العرفج

تمحيص وتدقيق في استخدام المشاهير للتسويق

الحبر الأصفر

A A
لنَتَّفِق مَبدئيًّا عَلَى أَنَّ المَشروعَات النَّاجِحَة والمُتميِّزَة؛ لَا تَحتَاج إلَى دعَايَةٍ أَو تَسويق، لأنَّ الجيّد بطَبيعتهِ يَفرض نَفسه، ويَجذب النَّاس إليهِ..!

بَدَأَتْ فِي الآونَةِ الأَخيرَة، تَنتَشر مُوضة جَلب واستئجَار مَشَاهير السُّوشيَال مِيديَا، وبَعض الإعلَاميين مِن أَبو ريَالين، لتَلميع هَذا المَشروع أَو ذَاك، أَو عَمَل دِعَايَة لَه، وتَعريف النَّاس بِهِ، وهَذه الأَفكَار -أَعنِي عَمَل الحَملَات الدِّعَائيَّة- مِن الأَفكَار الإعلَاميَّة المُحتَرِقَة، التي أَكَلَ عَليها الزَّمَان وشَرب، لأنَّ المُستَهلِك أَو الزبُون أَو المُستَفيد الأَخير، لَم يَعُد يُصدِّق مِثل هَذه الدِّعَايَات المَدفوعَة الأَجْر، والمُتَّكِئَة عَلَى المُبَالَغَة، وأَحيَانًا التَّدليس والكَذِب..!

أَكثَر مِن ذَلك، إنَّ مِثل هَذَه الحَملَات التَّسويقيَّة؛ لَا تَكتَفي بأنَّها غَير مُفيدَة، بَل تَستَفزُّ النَّاس، وتَجلب الضَّرَر فِي كَثيرٍ مِن الأحيَان، لأنَّ المُشَاهِد أَو المُستَهلِك أَو المُستَفيد؛ يَرْفَع سَقف تَوقُّعَاته وأَحلَامه، حِين يُشَاهد كَلَام المَشَاهير والإعلَاميين عَن هَذا المُنتَج، ومَهمَا كَان نَجَاح المَشروع، فلَن يَصِل إلَى سَقف التَّوقُّعَات، لذَلك تَكون رَدّة فِعل النَّاس قَويَّة ضِد المَشروع، وهَذا قَانون الحيَاة، حَيثُ إنَّ لكُلِّ فِعل رَدّ فِعلٍ مُوَازٍ لَه فِي القوَّة، ومُضادّ لَه فِي الاتِّجَاه..!

إنَّني أَشفق عَلَى مَن ابتَكر هَذه الحَملَات، خَاصَّة وأَنَا أَرَى -هَذه الأيَّام- زَفَّة كَبيرة لبَعض المَشروعَات لدينا، وهَذه الزَّفّة لَا تُسمن ولَا تُغني مِن جُوع أَمَام المُستَهْلِك، أَو المُستَفيد، لأنَّه فِي هَذه الحَالَة، سيَحمل جوَّاله مَعه، ويَبحَث عَن ثَغرَات فِي كُلِّ مَشروع مِن هَذه المَشروعَات، حَتَّى يُثبت أنَّ الحَملَة كَانت مُبالَغ فِيها..!

حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!

بَقي القَول: غَفر الله لوَالدتي الحَكيمَة «لولوة العجلان» -حَفظَهَا الله- فقَد كَانت تَقول لكُلِّ امرَأة تَخطب لوَلدها: «لَا تُبَالغي فِي مَدح أَخلَاق وجَمَال البِنت، التي تَخطبينهَا لوَلدك، لأنَّه سيَدخل إليهَا، وفِي ذِهنه أَشيَاء كَثيرة، ومَهمَا كَانَت المَرأَة جَميلَة، فلَن تَصل لمُستوَى تَوقُّعَات الشَّاب، لذَلك قُولي لابنك: إنَّ الفَتَاة عَادية ولَا بَأس بهَا، ليَدخل بتَوقُّعَات مُنخفضة، ثُمَّ يَتفَاجأ بأنَّها امرَأَة جَميلَة، وتَمتَاز بمُواصَفَات الحُسن العَالية»..!

لَيتنَا نَترك «الهيَاط» والمُبَالغة والحَملَات، ونَجعل المَشروعَات تَتكلَّم عَن نَفسهَا، فخَيرهَا، تِلك التي تَقُول: «هَا أَنَذَا»..!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store