Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عبدالرحمن العرفج

توطين الائتلاف.. يبدأ من تدريس أدب الاختلاف!

الحبر الأصفر

A A
سَألني شَخصٌ كَريم: «لَو كُنتَ مَسؤولًا فِي وزَارة التَّعليم، مَا المَادَة التي ستُقرِّرها»؟.. فقُلت: لَن أُقرِّر كِتَابًا حَول «كَيف نَتَّفق»، بَل سأَجعل الطُّلَّاب يَدرسون كِتَابًا بعنوَان: «أَدَب الاختلَاف»..!

لَن نَتعَب كَثيرًا فِي هَذه المَادَة، لأنَّها مَوجودة ومُتوفِّرة فِي بطُون كُتب التُّرَاث، وبكميَّات زَاخِرَة، ولَو اتَّصلتُ بذَاكرتي، وطَلبتُ مِنهَا عَناوين الكُتب، التي تَتحدَّث عَن «أَدَب الاختلَاف»، لاستَخَرَجَتْ لِي أَهمّها مِثل كِتَاب: «أَدَب الاختلَاف فِي الإسلَام»، للشّيخ «طه العلواني»، وكِتَاب «أَدَب الاختلَاف»، للأُستَاذ «عقيل المقطري»، وكِتَاب «الإنصَاف فِي مَسَائِل الخِلَاف»، للنَّحوي «ابن الأنباري»، وكِتَاب «أَدَب الاختلَاف»، للشّيخ «صالح بن حميد»، ورُبَّما قَبل ذَلك كِتَاب «رَفع المَلَام عَن الأَئمَّة الأَعلَام»، لشيخ الإسلَام «ابن تيمية»، حَول أَسبَاب اختلَاف أَئمّة الإسلَام..!

هَذا فَقَط مَا استَدعته الذَّاكِرَة دُون الرّجوع إلَى المَكتبَات، أَو استدرَاج الحَوَاسيب، واستنفَار «قوقل» لتَقصّي وإحصَاء الكُتب، التي تَتحدَّث عَن «أَدَب الاختلَاف»..!

بَعد هَذا، مِن المُمكن أَنْ أَطرَح سُؤالًا يَقول: لِمَاذا أُركِّز عَلَى أَهميّة تَدريس «أَدَب الاختلَاف والخِلَاف»؟، والإجَابَة بكُلِّ سهُولة ويُسر هي: إنَّ مَن يُتَابع مَعَارك النَّاس فِي وَسَائِل التَّواصُل الاجتمَاعي، أَو فِي القَنوَات الفَضَائيَّة، أَو فِي المَجَالِس العَامَّة، يُلاحظ أَنَّ كَثيرًا مِن أَفرَاد المُجتَمع؛ يُعَاني مِن نَقصٍ حَاد فِي أَسَاسيَّات أَدب الاختلَاف، ويَشتَكي مِن أَنيميا حَادَّة فِي فِقه الخِلَاف، وهَذا النَّقص وتِلك المُعَانَاة، يُولِّدان الكَثير مِن المَشَكِلات والصِّرَاعَات، فِي قَضَايا أَقَل مَا يُقَال عَنهَا أَنَّها خِلَافيَّة، وتَحتَمل أَكثَر مِن وِجهة نَظَر..!

حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!

بَقي القَول: لَو دَرّسنا مَادة الاختلَاف والخِلَاف، لقَلّصنا الكَثير مِن المَشَاكِل، ولقَضينَا عَلَى كَثيرٍ مِن بُؤر التَّوتُّر، ولرَدَمنَا حُفر التَّشنُّج، ولتَعوَّدنا عَلَى قبُول كُلّ الآرَاء، دون أَنْ يَسبق سُوءُ الظَّنِّ حُسنَ الفَهم..!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store