موافقة مجلس إدارة الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع برئاسة وزير الثقافة والإعلام، على إصدار تراخيص للراغبين في فتح دور للعرض السينمائي في المملكة، وما تلاه من إعلان لصندوق الاستثمارات العامة عن توقيعه لمذكرة تفاهم مع أكبر مزوِّد ومشغِّل لدور السينما في العالم؛ لاستكشاف طرق عرض وتوزيع المحتوى السينمائي وفرص الاستثمار والشراكة المتعلقة به في المملكة، في قطاع يتوقع أن يُقارب حجمه مليار دولار- هي أخبار جميلة ومبهجة انتظرناها طويلًا، ونحمد الله أنها تحققت.
الملفت أنه ما أن صدرت هذه الموافقة حتى دار الكثير من النقاشات التي تتحدث عن أهمية هذه الخطوة وتأثيراتها الثقافية والاقتصادية والاجتماعية، غير أن القليل جدًّا من ذلك الحديث دار حول الجانب الأكثر أهمية من وجهة نظري، ألا وهو ضرورة البدء فورًا في وضع الخطوات اللازمة لإقامة صناعة سينما سعودية محترفة ومؤثرة وقادرة على المنافسة عالميًّا؛ وذلك حتى لا نصبح مجرد سوق استهلاكي يستورد منتجات هوليوود وبوليوود وغيرهما، على غرار استيراد منتجات غوانزو وشتوتجارت وديترويت.
إن من المهم لنا ونحن في بداية الطريق أن لا ننظر للسينما ونتعامل معها على أنها مجرد ترفيه واستثمار تجاري استهلاكي فقط، فالسينما اليوم هي وسيلة هامة من وسائل الثقافة والإعلام، وقوة ناعمة جبَّارة ينبغي توظيفها التوظيف الأمثل، وعدم الاكتفاء بجعلها مجرد شباك تلج من خلاله إلينا أفكار وثقافات الشعوب شرقها وغربها، بما فيها صورنا نحن التي يتم رسمها وتشويهها وفقًا لرغبات مدن الإنتاج العالمية المختلفة.
تأسيس صناعة سينما سعودية يتطلب دون شك وجود بنية متكاملة لعرض وتوزيع المحتوى السينمائي، لكنها قبل ذلك تحتاج إلى تحرُّك فوري لوضع خطوات متعددة الاتجاهات، منها على سبيل المثال:
- فتح أقسام للمسرح والسينما في كليات الإعلام، بجانب أقسام الصحافة والإذاعة والتلفزيون والعلاقات العامة والصحافة الرقمية.
- تبني ودعم الكفاءات السعودية الشابة التي أثبتت قدراتها في مجالات الإخراج والإنتاج وكتابة السيناريو والحوار والتصوير والنقد السينمائي. الجميل أن لدينا حاليًا قاعدة رائعة من الأسماء في تلك المجالات كافةً أثبتت تفوقها وتوهجها في المهرجانات العالمية والإقليمية.
- إطلاق جوائز ومهرجانات مرموقة للسينما بفروعها كافةً.
- تشجيع مؤسسات الإنتاج السينمائي، وإقامة مدن سينمائية متكاملة.
- منح تصاريح لإقامة جمعيات متخصصة بصناعة السينما من حيث التدريب والتطوير ومواثيق الشرف والأخلاق وغيرها.
- وضع معايير وأنظمة محددة تتسم بالشفافية والوضوح لتنظيم هذه الصناعة، بشكلٍ يعرف منه كل من يعمل في هذا المجال حقوقه ومسؤولياته.
- على وسائل الإعلام المختلفة عدم ترك هذا المجال لصحافيين غير متخصصين، والبدء بإعداد كوادر وأقسام وملاحق متخصصة بهذا المجال؛ الذي يتوقع أن ينافس المجال الرياضي من حيث اهتمام شريحة الشباب ذكورًا وإناثًا.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
