Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد الثبيتي

سواكن... للسواكن

A A
النبش في التأريخ، والسعي الحثيث لاستعادته؛ يعكس رغبة جامحة في تحقيق التوسع الذي خُطط لها بهدوء، واعتبر مرتكزًا أساسيًّا في السياسة التركية، متشابهة في ذلك بمبدأ «تصدير الثورة» في الفكر الشيعي، الذي تقوده إيران، ونجحت في زعزعة دول، عن طريق تأليب أتباعها ضد الأنظمة الحاكمة فيها، حتى أضحت تحكم تلك الدول بالوكالة، من خلال تشكيل أحزاب تتسم بصبغة إسلامية، بينما هي واقعًا أذرعة سياسية بحته لتنفيذ أجندة إيرانية، ويبدو أن العثمانيين الجُدد راغبون في الاستفادة من التجربة الإيرانية للوصول إلى «أَتْرَكَة» العالم العربي، بعد أن سيطر أردوغان بسياسته المتأسلمة على الكثير من الموهومين، باستعادة المجد الإسلامي على يد خليفتهم المُنتظَر، والوقوف في وجه التغريب و«

الأَمْرَكَة» التي أخذت في الظهور، مُنتهجًا في ذلك دغدغة المشاعر بالعاطفة الدينية التي يلعب بها على الوتر الشعبي، في الوقت الذي يُقيم فيه مع العدو الأول للمسلمين والعرب علاقات سياسية كاملة.

لقد أحدث التقارب التركي السوداني المُتمثل في التسليم الطوعي لجزيرة «سواكن»؛ لتُصبح محميِّة تركية - ردودَ أفعال سلبية، مُبررها أن الغاية التركية تختلف عن الهدف السوداني؛ فالغاية لتركيا ترتبط بإرث تأريخي يكمن في أن هذه الجزيرة، كانت إبِّان سيطرة الدولة العثمانية مقرًّا لأسطولها ومركزًا للحاكم بأمرها، بينما كان هدف السودانيين لهذا الحدث التأريخي لا يتجاوز أن يكون استثمارًا لموقع، يَدرُ عليهم أموالًا تُساعدهم في حل بعض مشاكلهم الاقتصادية المتفاقمة، وما بين الغاية والهدف يتضح التخطيط التركي بعيد المدى من التخطيط العربي المتمثل في السودان، الذي لا يتجاوز أرنبة الأنف، متناسيةً حساسية هذه الجزيرة، على اعتبار أنها كانت إلى ما قبل تسليمها الميناء الثاني لها، ناهيكم عن أنها قبالة السواحل السعودية، وهذا ما يثير الشكوك عندنا حول مطامع الجانب التركي في تطويق المملكة، بوجود مريب ابتدأتها من قطر وها هي تُحققه في السودان، ولا نعلم أين ستكون محطتها الثالثة؟

السؤال الأهم في حقبة «سواكن» الحديثة.. هل سيواصل «السواكن الجُدد» تخريبها بأسلوب مُعاصر كما فعل بها أجدادهم المُتغطرسون؟ أم سيكون ثَمَّةَ أمرٍ ما في جعبتهم لتسويق سياستهم المُزجاة؟

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store