Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد أحمد مشاط

الاحتفاظ بالباقي من الهوية

A A
منذ أن انتشر الحديث عن وجود «فجوة» بين الأجيال، والناس من مختلف الطبقات الثقافية والمجتمعية يرددونه وكأنه شيء ثابت لا يتغير.. ولكن المشكلة هي أن هيمنة التقانة وتطورها السريع جعل تلك الفجوة في اتساع دائم.. كثير منا يؤمن بذلك ولكن بعضنا لا يتبين أو لا يدرك بأن اتساعها بوتيرة متسارعة.

ليس هذا في بلادنا وحدها، ولكن ذلك يحدث في بلدان كثيرة في العالم.. ولربما أن الدول المتخلفة علميًا وثقافيًا واقتصاديًا؛ هي الأقل إدراكًا لتلك الفجوة، ومدى خطرها، واستمرار اتساعها المتسارع. والأمثلة- بلا شك- ماثلة للعيان للاعتبار بها.. لذلك من الضروري تقريب جانبي هذه الفجوة المتسارعة التباعد- ولا نقول ردمها لاستحالته- وذلك بتواصل الأجيال الفعلي، وبالخطط العملية التي تحفظ لغتنا وتراثنا وأعرافنا وهويتنا.

في كل يوم يفقد كثير من الشباب هويته الوطنية في جميع بلدان العالم، ولسنا استثناءً في ذلك، ويعتمدون الهوية العالمية التي تنشرها وسائل التواصل الاجتماعي والمنجزات التقانية.. ومن لم يتلبّس بتلك الهوية العالمية فسوف يتخلف عن الركب العالمي، والحضارة الآنية، والاستحداثات التقانية، والأنماط الاجتماعية التي تبثها تلك الوسائل. وفي أثناء ذلك يفقد الشباب هويته الوطنية وانتماءه المجتمعي وتمحي أو تشوّه- في كل يوم- بسببها مسلماتنا وتراثنا وتميزنا عن غيرنا. وهكذا في البلدان الأخرى.

إن التصدي لهذه المتغيرات الخطيرة وأنماط الحياة والثقافات المستوردة لن يمكن القضاء عليها كليًّا، وإنما يمكن توجيهها في قنوات تحفظ جوانب هويتنا وثقافتنا وتاريخنا وتثريها أيضًا بالجديد مما ينتجه العلم والعالم.. ذلك ليس بهين ولا سريع التحقق لأنه يحتاج إلى عقول وإمكانات ومعرفة شاملة بالمهمة وأهميتها.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store