من لا يبدأ يومه وقد توجه إلى الله بأن يرزقه نفع عباده، وهذه يحتاجها الطبيب ورجل الأمن والمعلم والطبيب وكل محبي الخير. وإنه ليحزنني من لا يعطف على الصغير، ويحترم الكبير في السن أو المقام.. وإنه ليحزنني من لا يكون قدوة أمام من أؤتمن عليهم ومن ينسى أن الله رقيب ويعلم ما في النفس وما في الصدور.. وإنه ليحزنني من ينسى قول أبي بكر لعمر حينما عهد له بالخلافة: أعلم أنهم لن يزالوا منك خائفين ما خفت الله.. إنه ليحزنني أن يقبل المرء بالتكليف والمسؤولية وينسى أن الراعي عليه مسؤولية ضخمة في مقدمتها التسوية واستشعار مصالح الناس، فالمسؤولية أمانة كبرى وإذا ضيَّعت الأمانة فانتظروا الساعة.. إنه ليحزنني من لا يعرف تاريخ بلاده بعمق أو لا يعرف جغرافيتها وأماكن النزهة والآثار التي تزخر بها بلاده.. إنه ليحزنني من لا يعرف أصدقاء بلاده ومحبيها وكيف يسعى لتنمية هذه الصداقة وتعزيزها، كما يلزمه في نفس الوقت أن يعرف خصوم بلاده ومن يتربص بها ويكون على وعي تام بما يُحاك على بلاده وزعزعة استقرارها.
كما يحزنني من لا يعرف اقتصاد بلاده ومكامن القوة أو الضعف إن وجدت.. إنه ليحزنني أن لا يدرك المرء ثقافة بلاده بشكل عام لا سيما ما يتعلق منها بأصول المعاملة مع الناس وواجبه نحو الآخرين وكيفية الحفاظ على العهود والمواثيق وكيف يحفظ أسرار الدولة.. كما يحزنني من يرصد هفوات وسقطات بعض المسؤولين في بلاده أو يثير البغض والحسد والكراهية بين أهله في وطنه أو ينشر الشائعات، التي يستفيد منها أعداء البلاد وهو في غفلة من أمره، فضلًا عن المروجين بالأكاذيب لا نقول إنهم يخدمون أجندات خارجية فحسب، بل تعكس دومًا بأن نفوسهم مريضة ومعتلّة وبالتالي لا ينبغي الأخذ بما يروجون له والعياذ بالله.. إنه ليحزنني من يستخدم المنابر أو حتى وسائل التواصل الاجتماعي لتقديم النصح للحاكم ويتجاهل الوسائل المشروعة.. إنه ليحزنني أن لا يحسن المرء اختيار أصدقائه وصديقك من صَدَقَكَ لا من صَدَّقَك. أخيرًا وليس آخرًا فإنه ليحزنني ألا ينشد أعلى المقاصد وأن يكون مصدر خير وبر لا مصدر سوء وشر، أن يحب لغيره ما يحب لنفسه، وأن يكون الإحسان والجود والعطاء طبيعة، وكل عمل ينهض بالفرد ويرقى بالجماعة فهو خير، وعلى المرء دومًا أن يستقي المعلومات والإحصائيات الدقيقة من مصادرها، جعلنا الله وإياكم ممن يقولون القول ويتبعون أحسنه.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
