Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد خضر عريف

إيران: المهزومة من الداخل

والمهم أن نعلم أن سقوط نظام الحكم في إيران يحدث دائما من الداخل وليس من الخارج، تماما كما حدث للشاه من قبل الذي سعت قوى كبرى لإسقاطه بعد أن أحرقت ورقته ولم تفلح، حتى جاء التغيير من الداخل وكان تغييرا للأسوأ

A A
أثبتت الانتفاضة الشعبية الهائلة التي شهدتها إيران مؤخرا، أن التفاف الشعب الإيراني حول الدكتاتور الأشرس عالميا (الولي الفقيه) لم يكن إلا كذبة كبيرة تروّج لها أبواق النظام القمعي الدموي المتسلط داخليا وخارجيا، وقد يكون الكذابون في خارج إيران أكثر وأشد وأنكى بلاءً من داخلها وأول هؤلاء الكذابين حسن نصر الله –لا نصره الله- الذي يبتز من دواء الشعب الإيراني وحده ملياري دولار سنويا، التي تعدل ميزانية دولة، وتجتزئ نصيب الأسد من ميزانية إيران المتهالكة التي لا تتجاوز 120 مليار دولار بعجز 20 مليار دولار، تصرفها ولاية الفقيه بتقتير فائق على أبناء الشعب الذين يقترب عددهم من تسعين مليونا وتنفق على ذيولها وأذنابها وعصاباتها في سورية ولبنان والعراق واليمن وسواها من الدول ما يفوق تلك الميزانية الهزيلة حتى طفح الكيل وبلغ السيل الزبى وبلغت القلوب الحناجر، ورزح نصف الشعب الإيراني تحت خط الفقر وانتشرت البطالة وتفشى الفساد، فلم يكن أمام ذلك الشعب إلا أن يخرج في الشوارع مناديا بالموت للدكتاتور، أي خليفة الخميني، ولأول مرة، ولأول مرة أيضا تحرق صور خامنئي على رؤوس الأشهاد ومعها صور روحاني الذي لا يمثل إلا ظلا باهتا للولي الفقيه الذي يملك وحده حق عزله حتى لو كان منتخبًا من الشعب، بمعنى أن سلطته فوق سلطة الشعب رغم كل ما تتشدَّق به إيران من أنها راعية الديمقراطية الأولى في المنطقة، فأي ديمقراطية هذه التي تتيح لزعيم «روحي» -كما يُسمَّى- أن يطيح برئيس الجمهورية المنتخب من الشعب، في تركيبة سياسية خنفشارية لم يعرف التأريخ مثيلا لها لا في الديمقراطيات ولا في الدكتاتوريات على حد سواء، والمهم أن نعلم أن سقوط نظام الحكم في إيران يحدث دائما من الداخل وليس من الخارج، تماما كما حدث للشاه من قبل الذي سعت قوى كبرى لإسقاطه بعد أن أحرقت ورقته ولم تفلح، حتى جاء التغيير من الداخل وكان تغييرا للأسوأ، وبدّل الإيرانيون بدكتاتور أشد بطشا من الشاه بكل المعايير يتستر خلف الشعارات الدينية التي هي في الواقع شعارات طائفية بغيضة لا ترمي إلا لفرض السيطرة على الشعب أولا وعلى مقدرات الشعوب المحيطة من العرب السنّة ثانيا، حتى أن جموع المتظاهرين طالبت صراحة بسقوط الدولة (الدينية) بهذا المفهوم المعوج، وقيام الدولة (الإيرانية) بمفهوم العلمانية والمعاصرة، وما حصل للطاغية «المتوّج» يشي بما سيحصل لطاغية إيران «المعمّم»، في عهد قريب إن شاء الله، حتى لو تمكن الطاغية من تسخير الباسيج والحرس الجمهوري لقمع الشعب كما حصل بالفعل، ففي زمن الشاه تخلَّى العسكر عن الإمبراطور الظالم، ووضعوا أيديهم في أيدي الشعب المظلوم حتى سقط الطاغية دون أي تدخل خارجي، وفرّ من إيران طريدا مدحورا، ولم تسمح له أي دولة أن تحط طائرته فيها إلى أن لقي مصيره المحتوم، وهو ما سيحدث للطاغية المعمّم عاجلا غير آجل إن شاء الله، وبمجرد سقوطه ستسقط أذنابه وذيوله «نصر الله والأسد والحوثي وقوات الحشد في العراق»... وسواهم من سماسرة الطائفية البغيضة، الذين ملؤوا الأرض جورا وضلالا، ورغم أن عرقية الفرس هي أقل العرقيات عددا، كما لا يعلم كثير من الناس، مقارنةً بالكرد والتركمان والأذريين، (ومنهم خامنئي) والعرب والبلوش... وسواهم من العرقيات التي تتشكَّل منها هذه الدولة الهجينة، رغم كل ذلك فإن الفرس أنفسهم كانوا من أوائل من انتفضوا في وجه الطاغية المعمّم وطالبوا بإسقاطه، ومما لاشك فيه إن شاء الله أننا سنشهد سقوط نظام ولاية الفقيه قريبا جدا بقوى من داخل إيران، وليس من خارجها.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store