Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
سالم بن أحمد سحاب

قبائل التواصل الاجتماعي!

A A
هل يمكن (لقبائل التواصل الاجتماعي) أن تحل محل القبيلة في تعريفها المعتاد، وفي مكونها الاجتماعي، وفي تاريخها الإنساني؟ سؤال جدير بالإجابة، فالناس اليوم، ومن واقع متابعة الأفكار والآراء والتعليقات المطروحة (ما كذب منها وما صدق) يشكلون في واقع الأمر قبائل شتى، ولعلّ من السهل ملاحظة أن أناسًا من ذات القبيلة (العرقية) يختلفون في شأن القضية الواحدة، ويذهبون مناحي شتى، ويطلقون آراء متضادة أحيانًا، ومتقاطعة بعض الشيء أحيانًا.

ربما ليس في هذا الطرح جديد، فقد يُقال: إن الجمهور يتمايز بتوجهاته الفكرية أكثر مما يتمايز بأصوله العرقية والقبلية، فثمة مدارس فكرية متنوعة في البلد الواحد، إذ هناك من ينتمي مثلًا إلى المدرسة الليبرالية بمفهومها المعروف الواسع الذي يُقدس الحرية إلى أقصى حد حتى لو تفلتت من كل قيد، خاصة فيما يرتبط بالسلوك الفردي، وثمة من يزعمون أنهم «ليبراليون» لكن على «المقاس»، فإذا ما غُلبوا عندما لا تجري الرياح على هوى سفنهم انقلبوا «فاشيين» حد الثمالة.

وهناك «قبائل» تنتمي إلى مدارس «سادت»، ثم بادت مثل الشيوعية والفاشية والبرجوازية والاشتراكية، هؤلاء وإن كانوا قلة، إلّا أنهم ربما لا زالوا يتحينون الفرص للإعلان عن (امبراطورياتهم) القديمة وإرثهم التاريخي.

وثمة قبائل تنتمي إلى (المدرسة الإيمانية) التي تؤمن بالله واليوم الآخر ممارسة واعتقادًا، ولكن بدرجات متفاوتة منها ما هو أقرب إلى الانحراف وأبعد من الرشاد، ومنها ما يزعم الوسطية، ومنها من لا يرضيه إلا الغلو والتشدد ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وثمة (قبائل) إنترنتية غربية وشرقية في كل أرجاء الأرض، ففي الغرب مثلًا عنصريون حد القرف، ومنهم ليبراليون متحررون حد الثمالة، ومنهم (انجيليون) متشددون يدعمون الصهيونية بكل قوة؛ طمعًا في خروج المسيح ليحكم الأرض. وحتى الإلحاد له قبائله من الفارغين روحيًّا بالكامل إلى عبدة الشيطان وأنصار الماسونية العالمية.

وأما قبائل (النفاق) فلا آخر لها، يسعون في الأرض فسادًا، ثم يزعمون أنهم مصلحون لا تهمهم إلّا (مصالحهم) الشخصية ومكتسباتهم المادية والاجتماعية، يميلون حيث مالت (القوة) والجاه والسلطان.

أهلًا بقبائل (تويتر) و(فيسبوك) و(واتساب) وغيرهم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store