Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عبدالرحمن العرفج

انسداد الطريق.. في وجه الوعي بلا تطبيق

الحبر الأصفر

A A
عِندَما أَسمَع كميَّات الوَعْظ التي تُصَبُّ فِي آذَاننَا، وأَطنَان النَّصَائِح التي تُغدَق عَلينَا، والكُتب التي نَحملها مَعنَا ونَقرَأها؛ فِي كُلِّ نَاحيةٍ وزَاوية، أَسأَل نَفسي: هَل نَحنُ يَنقصنا الوَعي، حَتَّى نَحتَاج إلَى كُلِّ هَذه المَوَاعِظ والنَّصَائِح والكُتب؟.. أَم أَنَّ المَسأَلَة تَقول: إنَّ الوَعي والمَعرفَة لَا تَنقصنَا، بَل مَا يَنقصنا؛ هو مُحَاولة التَّطبيق للمَعلُومَات والنَّظريَّات التي نَعرفها..؟!

فِي البِدَاية دَعونَا نَقول: إنَّ الإنسَان صَاحب الفِطرة السَّويَّة –

فِي الغَالِب- يَعرف التَّمييز بَين الصَّحِّ والخَطَأ، ولِذَلك قَال المُصطفَى -صَلَّى الله عَليه وبَارك-: (البِرُّ حُسن الخُلق، والإثْم مَا حَاكَ فِي نَفسِك، وكَرهتَ أَنْ يَطّلع عَليهِ النَّاس)..!

وهَذا يَدلُّ عَلَى أَنَّ صَاحب الأَعمَال الرَّديئَة؛ يَتوَارَى عَن النَّاس، ويَختَفي عَن أَنظَارهم، مِن هُنَا تَجد أَنَّ مَن يَضع فِي فَمهِ مسوَاكاً، يَتبَاهَى بِهِ أَمَام النَّاس، بَينمَا مَن يَضع فِي فَمهِ سِيجَارَة، يَتوَارَى خَجلاً مِمَّا يَحيكُ فِي نَفسه مِن الإثم، الذي يَكره أَنْ يَطّلع عَليهِ النَّاس..!

إنَّ المُجتَمع فِي غَالبيّته –إذَا غَضضنَا النَّظر عَن 5%

مِن الأُميِّين- يُدرك الصَّوَاب مِن الخَطأ، ويَفعَل الخَطأ مَع سَبْق الإصرَار والتَّرصُّد، ويُمَارس الخَلَل عَلَى عِلمٍ وبَصيرة، ومَع الأَسَف أَنَّ الأَعدَاء أَدركُوا ذَلك قَبل الأَصدقَاء، وهَذا مَا تُؤكِّده القصَّة التَّالية التي تَقول:

(عِندَما أَعلَن مُوشى دَيَّان -»وَزير الدِّفاع الصّهيوني»- عَن خِطّته لاحتلَال فِلسطين، والتي نَشرَهَا قَبل خَمسين عَامَاً مِن الاحتلَال، سُئِلَ: أَلَا تَخَافُون أَنْ يَقرَأ العَرَب خِطّتكُم، ويُعِدُّون العِدَّة؟.. فأَجَاب: اطمَئِنُّوا، العَرب قَومٌ لَا يَقرَأون، وإذَا قَرأُوا لَا يَفهمون، وإذَا فَهمُوا لَا يُطبِّقون)..!

حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!

بَقي القَول، دَعوني أُبَالغ فأَقُول: إنَّ الحيوَان –وهو الحيوَان- يَعرف الصَّوَاب مِن الخَطَأ، رَغم أنَّه بِلَا عَقْل، وكُلُّ الذين دَرسوا سَيكولوجيَا القِطَط يَقُولُون: إنَّ القِطّ إذَا سَرقَ لَحماً تَوَارَى عَن الأَنظَار، وأَكَله خِفيةً عَن صَاحِب اللَّحم، بَينمَا إذَا أَعطَيته اللَّحم بطِيب خَاطِر، أَكلَه أَمَامك.. ويَا عَجبي كَيف فَرَّق القِطّ بَين الحَلَال والحَرَام، ونَحنُ مَازلنَا نُعَاني مِن التَّمييز بَينهما..؟!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store