يمن الشمال... ويمن الجنوب

المتمعن للتاريخ قديمه وحديثه يجد أننا أمام معضلة اسمها «اليمن»، والذي كان يطلق عليه اليمن السعيد وحضارة سبأ وأشار إليها الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه قال تعالى ( لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف). هذا اليمن السعيد تحول إلى يمن تعيس لا ينفع معه لا علاج ولا مهدئات. يمن قسمه الاستعمار إلى يمنين شمالي وجنوبي أدى إلى عدم استقراره كيمنٍ موحد بعيداً عن الصراعات القبلية والطائفية والمناطقية وغيرها، والتي استغلتها الدول الخارجية للعب على حبال تلك الصراعات. اليمن يجب أن يبقى سعيداً وموحداً ولا يمكن أن يستمر موحداً يحكم نفسه بنفسه وهناك صراعات وتدخلات خارجية وغيرها، والسودان حاضر أمامنا تم تقسيمه إلى شمال وجنوب بمباركة الاستعمار القديم بثوب جديد والنتيجة زعماء هذا الانقسام في الجنوب يتناحرون على الزعامة والمناصب ،والذي يدفع الثمن هو شعب السودان في الجنوب.
الأشقاء في اليمن يعون جيداً أن انقسام اليمن سوف يكون من مصلحة زعماء الكراسي والمناصب وليس لزعماء مصالح الشعوب. المناضل نيلسون مانديلا حرر بلده من عبودية الأقلية البيضاء ولا أعتقد أن زعماء في شمال اليمن أو جنوبه سوف يكونون في مستوى زعماء عظام أمثال مانديلا في جنوب أفريقيا، وقبله عمر المختار في ليبيا ، أو المهاتما غاندي في الهند. الأوطان لا يمكن أن تنهض بزعماء يبحثون عن مصالحهم ومكاسبهم الشخصية على حساب مصالح ومكاسب شعوب فهذا هو التاريخ علمنا أن الاتحاد قوة وأن التفرق ذل وهوان للأوطان والشعوب. اليمن يجب أن يبقى موحداً بجزءيه الشمالي والجنوبي ،وأفضل وسيلة لتوحيده هي أن يكون هناك حكم ذاتي في الشمال ،وآخر في الجنوب كتكتل فيدرالي كما هو معمول به في الولايات المتحدة الأمريكية، وكما هو معمول به في الإمارات العربية المتحدة، وهذا سوف يفوت الفرصة على كل من يريد أن يلعب على حبال المذهبية البغيضة والتعصب القبلي والتي لم نر منها إلا تحويل اليمن السعيد إلى يمن تحكمه إيران وليس أصحاب الأرض اليمنيون. التحالف العربي وبخاصة السعودية والإمارات اللتين تلعبان دوراً مهماً ومحورياً وتنسقان بينهما في جعل هذا اليمن موحداً عزيزاً كريماً يدخل في منظومة مجلس التعاون الخليجي لأنه عمقنا الاستراتيجي والأمني ويجب أن لا نتركه لأطماع الفرس ومن والاهم . تشكيل ولايتين لليمن أحداهما في الشمال والأخرى في الجنوب تحت مظلة حكومة فيدرالية برئاسة الحكومة الشرعية الحالية تحافظ على وحدة وتماسك اليمن بجيش موحد ووزير خارجية موحد وعاصمة موحدة صنعاء يكون هناك حاكم لكل ولاية منتخب من قبل مواطني تلك الولاية وبرلمان لكل ولاية منتخب وقوات أمن لكل ولاية هو المخرج الوحيد لجعل اليمن يوقف هذه التدخلات من أية دولة كانت، وحتى تكون هناك منافسة شريفة بين الولايتين في بناء اليمن وتنميته شمالاً وجنوباً والتخلص من وكلاء الحرب في الشمال والجنوب وإلا فإن دوامة العنف وآلات التدمير سوف تستمر في طحن اليمن وجعله ضحية صراعات داخلية وخارجية لن تنتهي.