إن المهرجان الوطني للتراث والثقافة «الجنادرية» وما يحويه من تراث وحرف وثقافة وصور تحاكي الماضي وتجسد واقعه وصعوبة وقسوة البيئة، التي كان يعيشها الآباء والأجداد الأوائل، الذين امتلكوا بالعزيمة والإصرار والكفاح والفكر والإبداع ناصية الحضارة واستطاعوا أن يطوعوا ما يمتلكونه من مكونات بسيطة طبيعة في بيئتهم لاستمرار عجلة الحياة وإيجاد سبل وطرق إنتاج الطعام والمسكن، بل وتوفير الحماية والأمن.
إن الجنادرية مدرسة للأجيال المتعاقبة لتقول لنا هؤلاء أسلافنا تحدوا الصعاب وذللوا العقبات وصنعوا المستحيل حتى وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم ليأتي دورنا وشبابنا في صناعة المستقبل وفق ما نمتلكه من مقومات حضارية وإمكانات وطاقات كبيرة لنبني وطن يتطلع ويطمح إليه الجميع وفي مقدمتنا هذه القيادة الرشيدة- حفظهم الله وسددهم- مستحضرين كل يوم كلمات ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سليمان ـ حفظه الله ـ حيث قال «نحن نملك كل العوامل التي تمكننا من تحقيق أهدافنا معًا، ولا عذر لأحد منا في أن نبقى في مكاننا أو أن نتراجع -لا قدر الله».
استطاع المهرجان الوطني للتراث والثقافة «الجنادرية» وهو يقف على هذا التاريخ والإرث الكبير وما يحمله من بطولات وأمجاد تعانق السماء خلال سنواته الماضية أن يقدم لوحات تراثية اختزلت في مضامينها تراث وعراقة هذا الوطن ليتواصل العطاء مكتسبًا كل عام حلة جديدة ورؤية متميزة ونماذج متنوعة من المشاركات والأفكار والرؤى التي عكست حرص الدولة على تطوير فعاليات هذا النشاط الثقافي المهم والارتقاء بمفهومه الحضاري من خلال دوره المهم في ربط ماضيهم بحاضرهم ورفع مستوى الثقة لديهم وإرساء قواعد وأسس حضارية متوازنة على استمرار تقدمهم وتحقيق ما يطمحون عليه في مستقبلهم فإقامة أي شعب حضارته على أساس من ماضيه يعطي دليلاً على أصالته وعراقة تاريخه الحضاري ويسهم بما يشتمله من مهارات أسلافه وما يمثله من مكونات فنية في تراثه منطلقا حضاريا لمهارات الأجيال التالية ويعطي رسالة واضحة لهذه الأجيال الشابة أننا قادرون بكل ثقة على صناعة المستحيل وبناء مستقبل واعد طموح يعانق عنان السماء.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
