Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عدنان كامل صلاح

قضية الجنوب بعد تحرير اليمن

إلا أن سعي الجنوبيين لإقامة كيان منفصل لهم، قبل التحرير الكامل لليمن، لن يؤدي الى تقبُّل الأطراف الأخرى في الصف اليمني الذي يحارب الحوثيين لهذا الأمر بل قد تكون له عواقب سلبية على حركة المقاومة للحوثي ومخطط إيران للهيمنة على اليمن، شماله وجنوبه

A A
انتفض اليمنيون عن بكرة أبيهم عندما سرق الحوثيون ثورتهم على نظام الرئيس السابق، علي عبد الله صالح، وحملوا السلاح ضد عصابات الحوثي التي وجدت دعماً من بقايا النظام السابق ومن علي عبد الله صالح نفسه، إلا أن التماسك الذي أظهروه بعد أن شن الحوثيون هجوماً بالطائرات على قصر الرئاسة بعدن مهدداً بخلافات بين اليمنيين أكثرها خطراً سعي الإنفصاليين في الجنوب الى إلغاء مفعول الوحدة التي قامت ما بين صنعاء وعدن خلال فترة حكم علي سالم البيض في الجنوب وعلي عبد الله صالح في الشمال .

وإن كانت الدعوة الانفصالية لها ما يبررها إلا أن توقيتها والعنف الذي صاحبها مؤخراً لم يكن مناسباً.. والجهد الذي قامت به أطراف أخرى، أبرزها السعودية، لوقف تدهور الوضع وتجميد الانفصاليين لمطالبهم كان خطوة في المسار الصحيح . إذ إن الوضع في اليمن لم يستقر بعد، ولم يتحرر الشمال من قبضة الحوثيين وإيران بشكل كامل، وإن كانت الدلائل تشير الى نصر محقق للشرعية على الحوثي ومن يقف خلفه، إلا أن سعي الجنوبيين لإقامة كيان منفصل لهم، قبل التحرير الكامل لليمن، لن يؤدي الى تقبُّل الأطراف الأخرى في الصف اليمني الذي يحارب الحوثيين لهذا الأمر بل قد تكون له عواقب سلبية على حركة المقاومة للحوثي ومخطط إيران للهيمنة على اليمن، شماله وجنوبه.

وقد اتضح بعد توقيع اتفاق الوحدة اليمنية بين اليمن الجنوبي واليمن الشمالي أنه بينما اعتبر الجنوبيون أنهم دخلوا في وحدة (متوازنة) مع الشمال ، نظرت صنعاء الى الوحدة على أنها عودة جزء من الأرض تمتلكه اليها، وتصرفت الحكومة المركزية على أساس أن مواطني الجنوب وممتلكاتهم تخضع للقانون الشمالي حتى وإن اختلفت الأنظمة بين الكيانين، وأعطى حكام الشمال لأنفسهم الحق في امتلاك الأراضي والسيطرة على التجارة في عدن وباقي الجنوب، وهو أمر كان على حساب الجنوبيين الذين تضرروا ، ورفعوا شكاويهم الى صنعاء التي تجاهلتها بشكل كامل . وأدى هذا الأمر الى نجاح حملة انفصالية عسكرية استخدم الشمال ضدها حرباً قمعية عسكرية بشعة ولم يستقر الحال فيما بين الجنوب والشمال منذ ذلك الوقت .

إلا أنه لكي ينجح مسعى استعادة الجنوب لسيادته، فإن الأمر يتطلب تفاهماً بين حلفاء اليوم في الجبهة المعادية للحوثيين على نوع الخطوات المطلوبة للوصول الى وضع يكون مقبولاً للجنوبيين ولا يسبب ضغائن جديدة من قبل الشماليين، ولا يؤدي الى مواجهة جديدة بين الشمال والجنوب، خاصة وأن حزبي المؤتمر والإصلاح (وهما حزبان شماليان بالرغم عن عضوية جنوبية محدودة) كانا رأس الحربة في الحرب التي شنتها صنعاء ضد الجنوب عندما سعى للانفصال. وهما الآن جزء من التحالف اليمني ضد الحوثي، ويمكن للحركة الجنوبية الانفصالية أن تؤدي الى تحالف جديد فيما بينهما يؤثر سلباً على حركة تحرير ما تبقى من اليمن من سلطة الحوثي وإيران .

وبالرغم من أنه حدثت تجاوزات عدة خلال محاولة فصل الجنوب عن الشمال والمتواصلة منذ فترة ليست بالقصيرة، إلا أن المسعى الذي تم مؤخراً لوقف تصعيد الموقف قد آتى ثماره، ويجب التخطيط من الآن للإطار الذي سوف يتبناه اليمنيون خلال الأيام القادمة للوصول الى توافق حول مطالب الجنوبيين وكيفية تحقيق ذلك بالإضافة الى الأوضاع المطلوبة لباقي مناطق اليمن .

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store