Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. محمد سالم الغامدي

وفاءً للمتقاعدين

A A
تحرص الجهات المختصة في دول العالم الأول على مضاعفة الرعاية لموظفيها بعد إحالتهم للتقاعد، كونهم أفنوا جُل أعمارهم وقدَّموا كل ما يملكون من معارفٍ ومهارات لخدمة شعوبهم وأوطانهم؛ إبان وجودهم على رأس العمل، كوفاء لهم وتقدير لكل الأعمال الجليلة التي قدّموها، ولاشك بأن هذا الأمر يُعدُّ ركناً مهماً من أركان الأمان الوظيفي المنشود من كل الموظفين.. لكن واقع الحال في مجتمعنا لا يتفق مع هذا المبدأ الهام نظراً لما يؤول إليه حال الموظف بعد تقاعده، حيث نجده يفقد الحيِّز الأكبر من حجم راتبه الذي كان يُمنح له، كبدلات «السكن والنقل والخطر»... ونحوها، يحدث ذلك في ظل تنامي أسعار المواد الاستهلاكية وتنامي رسوم الخدمات بصورة متسارعة، وكذلك مطالبات المديونية للبنوك والمؤسسات الأخرى، وعدم توفر التأمين الطبي للمتقاعد الذي يُعدُّ في أمسِّ الحاجة له في هذه المرحلة الزمنية، بالإضافة إلى المتطلبات العائلية لأفراد الأسرة، مما ينتج عنه تنامي الضغوط النفسية التي يترتب عليها الكثير من الأمراض الجسدية والنفسية، كالضغط والسكر والكآبة.

وبما أن قيادتنا الحكيمة -رعاها الله- تحرص أشد الحرص على توفير الأمن الوظيفي لكافة الموظفين، كما تحرص على توفير سبل الراحة والاستقرار لكافة المواطنين، فإن المستوجب من الجهات ذات العلاقة كوزارة الخدمة المدنية والمؤسسة العامة للتقاعد والتأمينات الاجتماعية أن تقوم بواجباتها في توفير تلك السبل للموظفين، وخاصة المتقاعدين منهم، كما وأن مجلس الشورى الموقر لا بد وأن يلتفت لهذا الجانب الهام، ويسعى لسن الأنظمة التي تضمن للموظف الراحة والاستقرار قبل التقاعد وبعده، وبما أننا نعيش حراك رؤيتنا الطموحة 2030، وهي التي تحمل الكثير من البشائر التنموية التي تسعى لبناء الإنسان، فكراً وجسداً، فإن ذلك المطلب يُعدُّ حتمياً في هذه المرحلة.

وكم أتمنى أن تقوم جمعية المتقاعدين بدورها الفاعل في المطالبة بحقوق المتقاعدين والمنافحة عنها عبر المعابر الرسمية والإعلامية، وإبراز معاناتهم ومتطلباتهم ومتابعة تنفيذها، حيث إن الجمعية بواقعها الحالي لا تُمثِّل أي ثُقل، ولا تُحقِّق أي مطلب، بل هي شكلية لذر الرماد في العيون، كما أتمنى أن تُفعّل لدينا مؤسسات المجتمع المدني بكافة صورها واتجاهاتها وفق أنظمة حديثة وملائمة لظروفنا وإمكاناتنا، وطبيعة مجتمعنا، كونها تُمثِّل الوجه الحضاري المشرق الذي يتوافق مع محددات رؤيتنا الطموحة وآمال وطموحات قيادتنا وشعبنا، كما يتوافق مع حركة الإصلاح التي نعيشها هذه الأيام، والتي أشاد بها العالم من حولنا، وأصبحت حديث الإعلام العالمي. والله من وراء القصد.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store