Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سهيل بن حسن قاضي

الشيخ الشعراوي وحركة الإخوان المسلمين

شذرات

A A
كنا في صِغرنا كغيرنا معجبين بجمال عبدالناصر، وكان والدي يرحمه الله غير معجب به على الإطلاق، وكان يكتب في صحيفة البلاد باسم مستعار (الهنكوري) يصب غضبه على المفتونين بعبدالناصر آنذاك ويهجيه ببعض أبيات الشعر أذكر منها: كلا لإن لم تنتهِ عن شتمنا بكراهية وتكف عن شتم الكرام لتصفعاً بالناصية، فليدع معه روسه والصين ويوغسلافيا، يلقونه بجهنم تصلوه نار حاميه.

عندما أقدم عبدالناصر على سجن وقتل سيد قطب وغيره من الإخوان، أعتبرنا ما أقدم عليه حماقة كبرى. كان الوالد صديقاً شخصياً للشيخ الشعراوي وكان يلتقي به في كل ليلة في بيت السناري بالسوق الصغير بجوار الحرم المكي بعد صلاة العشاء، وفي زيارة للشيخ لمنزلنا قصَّ علينا معرفته بالشيخ حسن البنا رحمه الله وكان شيخنا معجباً بفصاحته وبلاغته وشخصيته وسجل معهم عضواً في الحركة واختاره ليكون سكرتيراً له فعمل بجانبه بضعة أسابيع ويقول: اطلعت على أمور لم أكن أعرفها من قبل في حركة الإخوان المسلمين ووجدت أني في حاجة للجلوس معه منفرداً للإجابة على استفسارات تشغل بالي فهناك تناقض واضح بين الأقوال والأفعال، واستجاب الشيخ البنا لطلبه مؤخراً فقال له الشعراوي: كيف يتأتى أن تكون هناك دعوة لتطبيق منهج الإسلام في الوقت الذي تقام تدريبات عسكرية في أقبية بعض المنازل، فقال الشيخ البنا: لا بد أن يكون الأمر كذلك، فقال له الشيخ الشعراوي هذا يعني تكوين فصيل معارض داخل دولة قائمة وهو أمر خطير جداً ولن تسمح الدولة بأن يكون في داخلها دولة وتحمل السلاح، والأولى أن يبدأ الإنسان في تطبيق المنهج في نفسه ثم في بيته وبمن يعول، ثم قال كيف تطلب من القمة أن يلتزموا بأحكام الإسلام والقاعدة الشعبية العريضة بعيدة عنه، فقال البنا: إن هذا الاقتراح لو مشينا عليه يحتاج إلى وقت طويل جداً وينتهي بنا الزمن ولن نحقق شيئاً، فقلت له كما أن الاستمرار في هذا النهج الحالي سيؤدي إلى إراقة الدماء وبالتالي فالحاكم لن يسمح لكم بالقضاء على مبادئ الحكم مهما كانت طريقته، فقال: أي حد يقف في وجه الدعوة حنزيحه، فقلت له: ويا فضيلة الشيخ إن الدم يجيب الدم، وهذا فراق بيني وبينك وخرجت من هناك وكان آخر عهدي بالإخوان المسلمين وفكرهم.

ضمن سلسلة اقرأ الثقافية (دار المعارف) هناك كتاب لإبراهيم عبدالعزيز بعنوان (منهج الشيخ الشعراوي لإصلاح المجتمع) ويرى الشيخ الشعراوي أن المُصلح - خاصة إذا كان مصلحاً دينياً - يجب أن لا يضع نفسه بصفة جمعية أو حزب لأنه كما سيكون للحزب أو غيره أنصار سيكون له معارضون وفي أغلب الأحوال يكون لهم غاية الوصول إلى الحكم، لهذا تجنب شيخنا الانضمام إلى حزب أو خلافه لأن المطامع غالباً ما تتسرب إلى هذه الجماعات ولابد من التنويه إلى أن بعضاً ممن ينتمون إلى حركة الإخوان المسلمين ربما لم يدركوا المقاصد الخفية للحزب.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store