Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالله فراج الشريف

نبي الأمة وحكم شرب النبيذ الحلو

وحينما يتصور جاهل أن مجرد ورود حديث عن الانتباذ هو إباحة للخمر، فهو إنما يبحث عما يستحل به ما حرم الله، لا أنه يبحث عن حق كما يدعي، واليوم ابتليت مجتمعات المسلمين بمَن يُحاولون لاستحلال المحرمات بأوهام تدل على نقص في فهمهم

A A
الذين عاشوا في هذه الأرض الطيبة، في مواطن يكثر فيها النخيل، يعرفون شراباً حلواً، يصنعونه من نبذ التمر في الماء في المساء، ليشربوه في اليوم التالي حلواً بارداً، فالتمر فاكهتهم الطبيعية، وغذاؤهم المكتمل العناصر، ومنه يصنعون شرابهم، وغيرهم في الجاهلية كانوا يصنعون منه خمراً، وعندما يتوهم أحد أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يتلو على أصحابه تحريم الخمر ويصفها بأنها أم الكبائر، ويقول: (لعنت الخمر على عشرة أوجه: بعينها وعاصرها ومعتصرها وبائعها ومبتاعها وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها وشاربها وساقيها)، وقد سمّاها ربنا رجساً حيث يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إنَّمَا الخَمْرُ وَالمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، وحينما نزلت الآية، أمر المؤمنين بإراقة ما كان عندهم من خمور قبل أن تُحرَّم، حتَّى سالت بها سكك المدينة، أو كما قيل، والرجس النجس، ولا يشرب الكريم النجس مهما رغب فيه، والخمر إنما حُرِّمت لعظيم ضررها بإزالة العقل، وما سُمي العقل عقلاً إلا لأنه يعقل الإنسان أن يفعل القبائح، فتحريم الخمر ثابت بالكتاب والسنة والإجماع، فلا يتهيأ لإنسان أن من نزل عليه التحريم يشرب خمراً، فيقرأ في صحيح مسلم، جاهلٌ، عن ابن عباس رضي الله عنه (أنه كان ينقع للنبي صلى الله عليه وسلم الزبيب، فيشربه اليوم والغد وبعد الغد إلى مساء الثالثة، ثم يأمر به فيسقى به الخادم أو يهرق)، فنبذ الزبيب أو التمر في الماء طُرح فيه وألقي، ويشربه من الغد حلواً، وشرط ذلك ألا يزيد شربه عن يومين، وفي اليوم الثالث يُراق إن تخمَّر، وإلا شربه غيره -صلى الله عليه وسلم- تنزُّهاً عن أن يشربه هو ولا يزال حلالاً لم يتخمَّر، وهذه الصورة لشرب الماء الذي نُبذ فيه زبيبٌ أو تمرٌ معروفة في أرض العرب في الجاهلية والإسلام، وقد كان مِن العرب مَن لا يشرب الخمر حتى لا يسكر فيهذي فيكرم نفسه ولا يشربها، وأما بعد التحريم فلا يمكن أبداً أن يستحلها مؤمن بالله، وإن استحلها فقد يبلغ هذا حد الكفر، أما أن يعصي الله بشربها فذاك وارد، وإثمه على شاربه عظيم وعقوبته أعظم في الآخرة، وفي الدنيا له حد معروف، وحينما يتصور جاهل أن مجرد ورود حديث عن الانتباذ هو إباحة للخمر، فهو إنما يبحث عما يستحل به ما حرَّم الله، لا أنه يبحث عن حق كما يدعي. واليوم ابتُليت مجتمعات المسلمين بمَن يُحاولون استحلال المحرمات بأوهام تدل على نقص في فهمهم، حتى للغتهم العربية، نسأل الله لهم الهداية، وأن يعودوا عن غيّهم، فهو ما نرجوه لهم، والله ولي التوفيق.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store